الفاضل صاحب السعادة

TT

كان كريم ثابت صحافياً عادياً من أصل لبناني. وبين يوم وآخر أصبح مستشار الملك فاروق. ثم صديقه ثم أقرب الناس اليه. وبسبب هذه العلاقة ازدادت الاشاعات حول فاروق. وعن صدق أو وشاية راح يقال إن كريم ثابت جزء من سمعة الفساد حول الرجل. وانه يتعاطى بالمعلومات والنساء وجلسات الأنس. ولكن فاروق مضى في تكريم صديقه ومستشاره. ثم جعله عضوا في مجلس الشيوخ، الى جانب صحافي لبناني محترم ومقدر من أهل مصر هو رئيس تحرير «الاهرام» انطون الجميل.

بعد سقوط فاروق وسفره طلب رجال الثورة من كريم ثابت أن يضع مؤلفات تساهم في الحملة المعنوية التي شنت عليه. وقد قرأت ثلاثة كتب في هذا الباب، اثنين منها عن فاروق والثالث بعنوان «طلاق امبراطورة»، وهو يحكي قصة طلاق الأميرة فوزية شقيقة فاروق من شاه ايران.

قرأت الكتابين الأولين منذ سنوات. ثم عدت اليهما وقرأت «طلاق الامبراطورة» بعد النجاح الذي رافق مسلسل «الملك فاروق». ولفت نظري ان الكاتبة الكدودة لميس جابر التي وضعت السيناريو، لم تلتفت كثيرا (وربما ولا قليلا) الى شهادات كريم ثابت. ليس لأن كريم ثابت وضع هذه الشهادات او بعضها، تحت الضغط والاكراه، بل لأنه بلا مستوى اخلاقي مقبول، سواء كان ما يسرد حقيقياً او شبه حقيقي او فيه شيء من الحقيقة. فسعادة الفاضل كريم ثابت يصور نفسه دائماً على انه عالي الاخلاق وسيده سافلها. وبين الاثنين هناك دائماً واحد في حاجة ماسة الى الآخر، وهذا ليس كريم ثابت المهاجر من دير القمر الى القاهرة، بل هو مالك مصر وحفيد محمد علي.

لم يكن فاروق طاهرا لكن ماذا كان كريم ثابت؟ وماذا فعل بالامانة والوّد والصداقة والوفاء لما وضعه فاروق فيه؟ واذا كانت الكتب قد وضعت تحت الاكراه، فما الذي حدا به الى وضع «طلاق امبراطورة» الواقع في 136 صفحة يمكن اختصارها، مع كل الثرثرة المرجوة والضرر المطلوب، الى ست صفحات؟ وهنا ايضا يبدو الفاضل كريم ثابت هو ربّ العائلة الملكية، ليس فقط في القاهرة بل في طهران ايضا. وقد كلفه مساعده فاروق مهمة لا يمكن ان يكلف بها سواه: التأكد من ان الامبراطورة فوزية لم تفقد صحتها العقلية! اسوأ انواع الكذب اكثره فجورا وسفولا.