انتبهوا إلى الرئاسة في لبنان

TT

لا أعتقد أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان قد استفز من الاستقبال الذي حظي به ميشال عون في سورية، حتى يتحدث للسفراء العرب في برلين عن ضرورة أن تتعامل الدول العربية مع لبنان عبر الرئاسة اللبنانية.

فالاستقبال الذي حظي به عون في دمشق، حيث أعطي المصحف الشريف، وأسبغ عليه من الصفات والألقاب ما يثير الضحك، ليس بالأمر المهم وحده، بل هو فقط جزء من الصورة.

الرئيس اللبناني تنبه، وان كان من المستحيل ان يعلن ذلك، إلى أن السوريين وحلفاءهم في لبنان، يحاولون تهميش الزخم الذي حظيت به الرئاسة اللبنانية في الآونة الاخيرة، وتقليل اهمية بعبدا وتأثيره.

استقبال الرئيس السوري لقائد الجيش اللبناني واستصدار بيان، كان أمرا لافتا، فقائد الجيش قفز فجأة الى المشهد السياسي من خلال بوابة دمشق، وهو الأمر الذي لم يفعله سليمان يوم كان قائدا للجيش بذلك الشكل المستفز.

ولذا فإن نوعية الاستقبال التي حظي بها عون في دمشق ليست مهمة، بل الأهم هو مضمونها، حيث نرى تحالفا واضحا الآن بين سورية ونبيه بري، ويبدو ان قائد الجيش انضم له، وكذلك عون وحزب الله، وان كان من غير الواضح طبيعة علاقة الحزب مع سورية اليوم.

هذا التحالف بكل بساطة يعني تطويق رئيس الجمهورية، والحد من دوره، وإبعاد الزخم الدولي الذي حظي به كونه رئيسا توافقيا. وما ان تشعر مراكز القوى الدولية بتهميش دور الرئيس داخل لبنان، فانها ستبقي على زيارته كبروتوكول فقط.

سورية تجاوزت ضغط ضرورة انتخاب الرئيس التوافقي، وشكلية السفارات من اجل ان توجد لها فرنسا مخرجا من عزلتها الدولية، ولذا هللت لسليمان، فصورته مع الرئيس السوري كانت رسالة بأن سورية قد سهلت الامور.

إلا أن الخطة تغيرت اليوم، فدمشق لا تريد فرنسا، بل عينها على باراك أوباما، وهذا امر لا يتطلب تواصلا مع الرئيس اللبناني فقط، فسليمان كان صورة لتعلق في الإليزيه.

وبالتالي فإن دمشق ليس من مصلحتها رؤية رئيس لبناني يحظى باحترام وإجماع دولي، ويبقي على مسافات معقولة، على الرغم من بعض تصريحات سليمان لإرضاء سورية أو اتقاء شرها، وبالتالي تسعى دمشق الآن للإمساك بلبنان من مفاصل حلفاء وميليشيا، لا من خلال مراكز سلطة شرعية.

هدف سورية هو السيطرة على المراكز الرسمية من خلال ايصال حلفائها الى تلك المواقع، لا التحالف مع الشخصيات التي تأتي للمراكز. فقائد الجيش اللبناني الحالي خلف رجلا كان مرشحا للمركز بعد سليمان وأقصي باغتيال، ومن المهم تذكر ذلك.

ولذلك فلا بد من القول بأنه من المهم التنبه الآن لحماية الرئاسة اللبنانية سياسيا، وحماية الرئيس اللبناني أمنيا، فجميع المؤشرات تقول بأن هناك تحالفا يتشكل في لبنان من أجل تهميش دور الرئيس اللبناني.

فإما أن يكون ميشال سليمان إميل لحود الجديد، أو ان يتم تفريغ المركز من قيمته وتطويقه بتحالفات تجعل دور الرئيس ثانويا.

والخيار الأخير، للاسف، لا يشبه إلا لبنان، وهو استهداف الرئيس اللبناني لو استدعت الحاجة.