قانون «مداعبة» سورية!

TT

افرك عينيك جيدا وأنت تقرأ الأخبار الآتية من الشرق الأوسط هذه الأيام. لقد حط العماد ميشال عون في مدينة دمشق في مشهد غير قابل للتصديق لمن تابع العداء الهائل بين الطرفين عبر السنوات غير القليلة الماضية. ولكنه فصل جديد من مشاهد انقلاب المواقف الذي بات تخصصا لبنانيا بامتياز، ولكن اليوم العماد ميشال عون يقدم نموذجا جديدا للفلسفة الميكافيلية السياسية، التي جسدت من الغاية التي تبرر الوسيلة بشكل واضح.

عون اختار خطا سياسيا قديما وتقليديا للساسة في لبنان، وهو أن قرار السلطة يجب أن يمر عن طريق دمشق، وعون ليس أول (ولا آخر) من سيكون حريصا على هذا الخط. وكان العماد عون مثيرا للشفقة والحزن وهو يحاول المرة تلو الأخرى أن يشرح موقفه ويوضح أهدافه وسبب آرائه الجديدة، دون أن ينال هذا الشرح المغلف بالعصبية والانفعال أي درجة من القناعة والقبول المنطقي. لا عداءات دائمة ولكن هناك مصالح دائمة، هذا الشعار الذي كانت ترفعه سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية، واليوم تشاهد هذه الآثار بوضوح في نهج العماد ميشال عون. ليس معروفا بدقة حتى الآن أثر ونتائج هذه الزيارة على الواقع اللبناني المتأزم وتحديدا على الانتخابات القادمة، ولكن الحراك على الساحة اللبنانية يتفاعل وبقوة وفي مختلف الاتجاهات، فهناك حديث عن صفقات مستقبلية محتملة ذات أبعاد وسيناريوهات مختلفة مع جهل الكثيرين لتفاصيل هذه الصفقات إلا أنها فرضية لا يمكن إنكارها أبدا. ميشال عون كان الأب الروحي لقانون محاسبة سورية، الذي صدر من الكونغرس الأمريكي وتابعه شخصيا عبر مراحله المختلفة، وبنى زعامته في الشارع اللبناني عبر مواقفه الرافضة لأي وجود سوري أو أي مراكز قوى لها في الأراضي اللبنانية بأي شكل من الأشكال. وتحول إلى رمز وأيقونة لهذا الخط. ومنذ عودة العماد ميشال عون من منفاه في فرنسا إلى لبنان، ومواقفه تتبدل وسط حيرة كل من عرفه وأيده. الجنرال يشبهني بعنواني قصتين شهيرتين للروائي الكولومبي الكبير جابريل جارسيا ماركيز وهما «الجنرال في متاهة» و«لا أحد يكاتب الكولونيل». وهما يسردان وقائع العسكري الذي يبحث عن حياة جديدة لنفسه.. ميشال عون أحجية سياسية ولكنه نمطي في التركيبة اللبنانية السياسية، فهو ليس أول من قلب أوراقه بهذا الشكل وطبق نظرية المائة وثمانين درجة، فهناك أبطال آخرون مثله.. الأيام كفيلة بتوضيح أبعاد هذه الزيارة ومعناها في «الشو» السياسي اللبناني.

[email protected]