ويضحكون في بغداد

TT

إذا كان الصبر مفتاح الفرج فالضحك دواء الوجع. هذا ما أثبته العراقيون بهذا السيل من النكات التي راحت تتدفق من ألسنتهم وأقلامهم مؤخرا. يسخر الكثيرون فيها من فكرة العودة للوطن. فبعد ثلاثين سنة في المنفى، لم يستطع أحدهم مقاومة شوقه لبغداد. عاد وما كاد ينزل من الطائرة حتى وضع شنطته بجانبه وخر على أرض الوطن ليقبلها ثلاث مرات. وعندما انتهى من قبله عاد واقفا ولكنه لم يجد أي أثر لشنطته. عبس ساخطاً وقال: «رجعنا لأكلان الــ... ؟!».

فعل فعله مغترب آخر ملحد. دعوه لحفلة عشاء فخرج ليصف لزوجته ما رأى: «يا للعجب هذا العراق المتحرر وكل السيدات محجبات والرجال يهرعون للحنفيات ليتوضأوا ويصلوا!» قالت، وأنت ماذا فعلت؟ صليت معهم»؟ قال «لا!». ما أصدق ما قالوا: المسلم يبقى مسلما أربعين سنة بعد إلحاده!

أصبح كثير من العراقيين يحنون لأيام صدام حسين ويتفهمون حكمتها. انتقل رجل لبيت جديد ولكنه سرعان ما أخذ يتضايق من ديك في مزرعة مجاورة. شكا لجاره معاناته من صياح هذا الديك العتيد الذي لا ينفك من الزعيق ليلا ونهارا. سأله جاره وماذا تريدني أفعل؟ قال اذبحه واتعشى به. وخلينا نرتاح. أجابه الرجل: «على العين والراس».

فعل ذلك ولكن الصراخ من المزرعة المجاورة لم ينقطع بل ازداد عنفا وعددا وتنوعا. عاد الرجل لجاره مستغربا مما وقع. فأجابه الجار: «هذا ما طلبته منا. أردت منا أن نذبح ذلك الديك الشرس. ففعلنا. ولكن، عندنا هنا سبعون ديكا آخر. وكان ذلك الديك العتيد مسيطرا عليها ولا يسمح لأي منها بأن يرفع صوته. ما أن يصيح واحد منها إلا وهجم عليه بمنقاره ومخالبه ونتف ريشه وفقأ عينه. والآن وبناء على طلبك في ذبحه ذبحناه ولم يعد هناك أي أحد يستطيع السيطرة عليهم وقطع أنفاسهم وصراخهم».

التقى عراقي ببريطاني وأمريكي في إحدى الحانات. شرب الأمريكي ما كان في قدحه من شربت ثم قذف القدح في الهواء وأطلق الرصاص عليه من مسدسه وحطمه وقال: «نحن بلد غني. لا نستعمل نفس القدح مرتين». تلاه المواطن البريطاني. شرب ما في قدحه ثم رمى به في الهواء وأطلق الرصاص عليه وهشمه وقال: في بلدي هناك مئات الأقداح في كل حانة من حاناتنا ولا يطيب لأي منا أن يحتسي الشربت من نفس القدح مرتين».

جاء دور المواطن العراقي فمد يده وتناول القدح وشرب ما كان فيه من الشربت. ما أن فرغ من ذلك حتى أخرج مسدسه وأطلق الرصاص على الأمريكي والإنجليزي وقال: «في بلدنا هناك ألوف من الإنجليز والأمريكان ولن يعبأ أحد منا أن يحادث نفس الإنجليزي أو الأمريكي مرتين».

www.kishtainiat.blogspot.com