الكنيسة في خدمة القمع

TT

تعليق لافت لعميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس اده على زيارة ميشال عون إلى سورية يقول فيه «يبدو أن الجنرال عون اكتسب من هذه الزيارة ومن التي سبقتها إلى إيران كيفية تسخير الكنيسة خدمة لمصلحة الأنظمة التوتاليتارية».

وهذا يعني أن تحالف ميشال عون مع إيران وسورية كتب على المسيحيين اللبنانيين التحالف مع أنظمة أصولية وقمعية، وهذا انقلاب ستكون له توابع أبرزها ما سيرتد على مسيحيي الشرق ككل.

فمنذ تأسيس الدول العربية بشكلها الحديث كان لمسيحيي المشرق، ككل، دور تجاوز المواطنة المسالمة، فالمسيحيون دائما ما كان لهم دور بناء، فهم رموز سياسية وثقافية واقتصادية في جلِّ العالم العربي. بل إن الدور المسيحي العروبي كان بارزا حتى في المقاومة المسلحة سواء في لبنان أو غيره. واليوم بتحالفه مع دمشق وإيران يكون عون قد قلب المعادلة، وجعل مسيحيي لبنان، والمشرق، في منطقة مواجهة، خصوصا أننا نرى الدول العربية تستنفر ضد متطرفيها، بالفكر والسلاح، وتخوض معهم المواجهة تلو الأخرى، فكيف يرتمي عون في أحضان التطرف السياسي السوري، والأصولية الدينية في إيران؟

فسورية البعثية نموذج للتطرف السياسي، وأهل لبنان أدرى بذلك. كما أن سورية هي الدولة العربية الوحيدة، بعد نظام صدام حسين، التي احتلت دولة عربية أخرى وهي لبنان، وما تزال تفعل المستحيل من أجل السيطرة على لبنان، ومن خلال اللبنانيين أنفسهم.

وعون ينقلب على خصومته العنيفة مع دمشق في توقيت تتغير فيه حتى سورية، ولكن في اتجاه مختلف، حيث تفاوض إسرائيل، وإن بطريقة غير مباشرة، ولم يبق من شعارات المقاومة إلا تحريض الآخرين، وتغازل في الوقت نفسه واشنطن أوباما.

كما أن عون يتحالف مع إيران، وحزبها اللبناني، حزب حسن نصر الله، بينما دور طهران في المنطقة اليوم يمس صميم أمن الدول العربية ووحدتها، حيث انتهى عون واقفا في صفٍّ لا يثير حتى عدسة كاميرا فضولية.

فقط تخيلوا مكونات تلك الصورة؛ عون يقف مع حسن نصر الله، وخالد مشعل، ومقتدى الصدر، وفيلق القدس. كما أن توقيت التحالف مع إيران لافت للنظر مثله مثل توقيت التحالف مع سورية، ويكفي النظر إلى ما حدث لمسيحيي العراق، ومن الذي لم يحمهم.

وللتدليل على خطورة ما يفعله عون بالمسيحيين لا بد من قراءة حدثين وقعا في يوم واحد في إيران قبل أيام، حيث طالعنا صورتين متناقضتين؛ واحدة لمظاهرات أمام السفارة السعودية احتجاجا على حوار أتباع الديانات، والصورة الأخرى لمظاهرات في جامعة إيرانية تطالب بالديموقراطية وتندد بنظام أحمدي نجاد.

عون تحالف مع الصورة الأولى وهي صورة الملالي المحتجين على حوار الديانات والتعايش مع الآخر، لا مع صورة المطالبين بالديموقراطية والحياة الكريمة! فإذا كان الإيرانيون أنفسهم يتظاهرون ضد نظام نجاد، فكيف يتحالف ميشال عون مع من أضرَّ بشعبه ووطنه؟

ومن هنا تأتي أهمية وخطورة تعليقات كارلوس اده الذي لمس موقع الخلل ونبّه إلى خطورة أن تصبح كنيسة المشرق في خدمة الأنظمة القمعية.

[email protected]