15 سنة و13 جلدة

TT

الحكم الذي صدر الأربعاء الماضي ضد طالب سعودي يدرس في ماليزيا بالسجن 15 سنة و13 جلدة لحيازته كمية من مخدر القنب المحظور عالميا، حكم ارتأى النائب العام الماليزي أنه حكم مخفف، ويجب على الطالب أن يشكر الله على نجاته من عقوبة الإعدام.. وقد أدى اعتراف الطالب بالتهمة إلى تجنيبه ما هو أسوأ، إذ أن عدم الاعتراف كان يمكن أن يؤدي إلى الحكم بالإعدام أو السجن 30 سنة..

وتضمن الخبر الذي نشره موقع «العربية نت» تعليقا لرئيس قسم شؤون الرعايا بالسفارة السعودية في ماليزيا أرجع فيه ما حدث لعلاقة الطالب بـ «رفاق السوء» من الشباب الماليزيين والإندونيسيين المتاجرين بالمخدرات، والذين قاموا بالتأثير على الشاب وخداعه، كما وجه اللوم إلى الجامعات السعودية بسبب عدم تطورها ومحدودية مقاعدها مما يضطر الطلبة السعوديين للدراسة خارج بلادهم وهم حديثو السن..

ولا أريد التوقف عند كلام المسؤول عن «رفاق السوء»، فمصطلح «رفاق السوء» مصطلح فضفاض يستدعى عقب كل قضية إلى مائدة المبررات، فالإنسان في البداية والنهاية مسؤول عن خياراته بما فيها رفاق السوء.. وما أريد التوقف عنده هنا هو لوم المسؤول للجامعات السعودية، وتحميل عدم تطورها ومحدودية مقاعدها مسؤولية سفر الطلاب للدراسة في الخارج في سن مبكرة جدا، فهذا القول يمثل وجهة نظر شريحة لا بأس بها من الناس، فهم يرون أن الدراسة في الخارج ينبغي أن تقتصر على الدراسات العليا التي يكون فيها الطالب في حالة نضج عقلي وعمري تسمح له بالتعامل مع ثقافة الآخر بقدر أكبر من الوعي، على الجانب الآخر هناك من يرى أن الابتعاث المبكر للدراسة الجامعية في الخارج يسهم في سرعة تكيف الطالب، وانفتاحه، وكثافة تحصيله، وكلا الرأيين يستحق التأمل والدراسة، وكرجل اشتغل في الحقل التربوي طويلا أجد أن سلبيات الابتعاث المبكر محدودة في مواجهة إيجابياته ومكاسبه الكثيرة، وحتى لو كانت أحوال جامعاتنا أفضل مما هي عليه فإن الابتعاث في حد ذاته من شأنه إثراء معارف المجتمع وتنويعها. واستنادا إلى التجربة التي امتدت عقودا في ابتعاث الطلاب للدراسات الجامعية يمكن القول إن الإخفاقات لا تتجاوز حالات فردية كان يمكن أن يلازمها الإخفاق حتى لو ظلت في داخل بلادها، ومع هذا فأنا احترم وجهة النظر الأخرى، ولا أقلل من استحقاقها للتفكير والدراسة والتأمل.

ولا يمكن لكاتب يتطرق لمثل هذا الموضوع أن يغادر ساحة هذه السطور من دون أن يتمنى لأبنائنا في الخارج وعيا ونضجا ويقظة تجنبهم المخاطر، وتقيهم العثرات، وتحقق آمال الوطن فيهم كرواد لزمن يكونون فيه الشموس والأقمار التي تغدق على حياتنا الكثير من الإشراق والبهاء.. ولهم أقول: دمتم في حفظ الله.

[email protected]