العراق ودخول مجلس التعاون

TT

في مايو عام 81، أي بعد ثمانية أشهر من اندلاع الحرب بين العراق وايران، شعر حاكم بغداد حينها، صدام حسين، بأن جيرانه العرب الستة على ضفة شاطئ الخليج استغلوا الفرصة، وقرروا من وراء ظهره إقامة مجلس خليجي استبعدوه منه. لم يكن ذلك التاريخ مصادفة، فدول الخليج أسست مجلسها، رغم مظهره الاقتصادي، لغرض دفاعي احتراسا من الجارين الايراني والعراقي معا.

بالنسبة لايران كان مسمى المجلس صريحا يعني استبعادها، فقد عنون بـ«مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، مع ملاحظة ان التسمية تحاشت استفزاز ايران، حيث ان «العربية» في اسم المجلس تعود على الدول وليس اسما للخليج.

صدام سكت على مضض لانه كان في تلك الحال غير راغب في التصادم مع جيرانه الخليجيين الجنوبيين، الذين كان في حاجة الى ان يساندوه في معركته المصيرية ضد الايرانيين. سكت مبيتا النية أولا لتأسيس مجلس مضاد لهم، سماه لاحقا بالاتحاد العربي، وبيت النية أيضا لغزوهم، كما فعل بعد تسع سنوات عندما احتل الكويت. أما الإيرانيون فان عداءهم للخليجيين صريح منذ اول ساعات الثورة، وهو عداء موروث منذ ايام الشاه، الذي كانت علاقته مع دول الخليج ايضا سلبية. والسبب في سلبية العلاقة في العهود الثلاثة، الشاه والثورة الايرانية وصدام، تجاه دول الخليج الاخرى مردها الطمع في ثروات النفط.

وبسبب التهديدات الايرانية والعراقية المستمرة ضد دول الخليج كان طبيعيا ان تتفق الدول الست، وتؤسس حلفا سياسيا أمنيا عسكريا، صار اليوم أكثر التكتلات انسجاما ونشاطا.

وإذا فهمنا تاريخ ومبررات تأسيس المجلس، صارت الصورة أوضح لفهم مبررات رفض دخول العراق اليوم، فدول الخليج لا تزال تشك في النظام العراقي، حتى بعد سقوط صدام، خاصة أن مستقبل نظام بغداد السياسي لم يحسم بعد، ولا أحد يعلم كيف ينتهي خلال السنوات القليلة المقبلة. لهذا سمع وزير الدفاع الأميركي، الذي طلب من الخليجيين إدخال العراق المجلس، رفضا فوريا من بعض وزراء مجلس التعاون.

والحقيقة أن امام العراق مهمة أكبر وطريقا طويلا حتى يثبت أنه أهل، ليس فقط لدخول النادي الخليجي ذي المواصفات المختلفة، بل أهل للعراقيين كبلد مستقر ناجح. العراق الذي خرج توا من نظام بعثي اشتراكي، حاليا يعالج في المستشفى، وعليه ان يتعافى أولا قبل أن يخطط في أي نادي يطلب العضوية. ولو نجح العراق سياسيا واقتصاديا سيجد أن دول الخليج هي التي تطرق بابه تطلب منه الانضمام، أما في الوقت الراهن فإن من الحماقة أن يدخل الخليجيون العراق المفكك المتنازع الغامض الى بيتهم، الذي سينقل معه اشكالاته بدل ان يساهم في تطوير وضع الخليج ككل.

[email protected]