غزوة «مكتب الخطوط»!

TT

في حركة «أبية» من حركات المقاومة «الجديدة» التي تدعمها إيران بأشكالها المختلفة، قام الأشاوس الأبطال وآيات الرجال وفي ظلمات الليل «بدك» حصون مكتب الخطوط السعودية بالعاصمة الإيرانية طهران. وقالت الجماعة «المسلحة»التي أطلقت على نفسها اسم «إخوان الرضوان» (يا ترى من يختار لهذه الجماعات هذه الأسماء؟ هل لأن اسم إخوان الشيطان لن يكون قابل للقبول الجماهيري؟) إن سبب إلقائها بقنابل حارقة على المكتب هو منع الحجاج الإيرانيين من التظاهر خلال موسم الحج الأخير وأيضا احتجاج على المبادرة العربية للسلام. ولا يمكن اعتبار أن هذا الحادث عارض وبرئ بدون وجود أيد (غير خفية) وراءه في بلد كإيران تسيطر عليه وبقوة أرتال وطبقات متصلة من أجهزة المباحث والاستخبارات في كل مكان. إيران تتألق وبقوة في دعم نوع جديد من المقاومة، مقاومة موجهة الى الداخل، انظروا الى حلفائها في المنطقة وكيف تحولت دفاتهم، فحزب الله حول بوصلته الى بيروت وضرب سكانها وبعدها تحول الى الجبل وفعل ما فعل بأهله، وحماس روعت من روعت بغزة وها هي «مجاميع» مسلحة تضرب مكاتب لشركة طيران سعودية! يا لها من مقاومة.. ويا لها من بطولة. ويأتي هذا الاعتداء بعد أيام بسيطة من تظاهرات انطلقت بمشاركة طلبة ورجال دين أمام السفارة السعودية بطهران احتجاجا على مؤتمر حوار الأديان بنيويورك.

إيران بنظامها السياسي لديها قدرة عجيبة على خسارة التعاطف والأصدقاء بشكل لافت، فلا توجد دولة من دول الخليج العربي إلا وتذوقت من عطايا بازار السياسة الإيرانية. الكويت تشرب من الكأس والبحرين تتذوق ما لذ وطاب، والإمارات احتلت أراضيها، وقطر تلقت التهديدات، وعمان تراقب بحذر شديد توسع التغلغل في أراضيها، والعراق طبعا يشهد «سيركا» منصوبا على أراضيه والأصابع الإيرانية تمارس كل هواياتها فيه، وها هي السعودية تسجل اعتداء جديدا ضدها من إيران. أما عن التدخلات في باقي الدول العربية فاسألوا مصر وفلسطين واليمن والجزائر والسودان وسورية، وسيكون لكل دولة نصيب «فخم» من الأدلة والقصص المؤيدة لذلك. إيران النظام المحصور في ركن الزاوية جراء العقوبات الدولية وجراء الانعزال الذي تسبب فيه عربيا مع دول المنطقة، كل ذلك أدى الى تصرفات بعيدة عن النضج والوعي والحكمة، تصرفات ساهمت في انشقاق المنطقة وتباعد الفرقاء واتساع الهوة بين الأشقاء.. نتيجة سيئة حتما، إلا إذا كان ذلك هو المطلوب والمنشور والمخطط له. إيران مثلها مثل كل الأنظمة الراديكالية المستبدة في العالم يجب أن تبحث عن مشاكل وقضايا وأعداء حتى يكون لاستمرار وجودها سبب وأسباب مجدية ومهمة، وإلا فكيف يمكن تبرير المسيرات والخطب والعتاد العسكري. إنه فيلم قديم يتكرر كل مرة ببطل جديد وسيناريو معدل. مرة اسمه جمال عبد الناصر ومرة اسمه صدام حسين والآن اسمه أحمد نجاد. البازار السياسي لإيران لم يعد ينتج سوى بضاعة رخيصة، بضاعة تؤجج المناخ وتسيء للبلاد، وعلى الإيرانيين أنفسهم أن يفيقوا من غسيل الدماغ الحاصل عندهم ويراقبوا التدهور الاقتصادي والاجتماعي والذي تسببت فيه «الثورة». إيران بلد عريق وتاريخ كبير لا يستحق هذا العبث الذي يحدث باسمه.

[email protected]