كشف هرم جديد بسقارة

TT

لم يتصور أحد أن نعلن أمام العالم كله في مؤتمر صحافي العثور على هرم جديد بمنطقة آثار سقارة، إحدى أهم جبانات العاصمة منف القديمة... وتأتي أهمية هذا الكشف بأنه الهرم الأول من نوعه، الذي يتم اكتشافه ويصل ارتفاعه الحالي إلى خمسة أمتار، وقد قامت بالكشف البعثة المصرية التي أتولى رئاستها. وفي الحقيقة لم أكن أتوقع الكشف عن هذا الهرم إطلاقاً، ولن أردد ما يحلو للبعض ترديده في مثل هذه الحالات، من أنهم كانوا يحلمون ويسعون وراء هذا الكشف، بل إنهم أحياناً يزعمون بأنهم أمضوا السنوات تلو السنوات يبحثون عن هذا الهرم أو تلك المقبرة حتى عثروا عليها. أما سبب عدم توقعي لوجود هذا الهرم، فهو أن أهرامات زوجات الملك «تتي» أول ملوك الأسرة السادسة وصاحب المنطقة التي حدث بها الكشف موجودة وقد كُشف عنها منذ سنوات بعيدة، وهما هرما الملكة «إيبوت» والملكة «خويت»، وقد قمت بإعادة الكشف عنهما، وكذلك الكشف عن المعبد الجنائزي للملكة «خويت»، بل والكشف عن مقبرة الأمير الوراثى «تتي عنخ كم» الابن الأكبر للملك «تتي»، الذي ربما يكون قد مات ضحية مؤامرة أودت بحياته مع أبيه الملك «تتي».

أما الهرم الجديد فيحتمل أن يكون هو هرم أم الملك «تتي» وتدعى الملكة «سششت»، ولا نعرف عنها إلا ما ورد في إحدى البرديات الطبية، أنها كانت تبحث عن عقاقير لتعالج شعرها ولكونها الوحيدة التي لم يعثر لها على مقبرة أو هرم فهي المرشح رقم واحد لأن تكون صاحبة الهرم الجديد حتى ظهور أدلة أخرى تؤكد ذلك أو تنفيه.. وقد وصلنا الآن في الحفائر إلى باب المدخل المؤدي للهرم، حيث تم الكشف عن كتلة من الجرانيت تقوم كمتراس يسد المدخل. ولا أعتقد أننا سوف نكشف داخل حجرة الدفن عن مومياء الملكة، وخاصة لأن اللصوص قاموا بحفر نفق من أعلى قمة الهرم ونزلوا إلى الداخل لنهب محتوياته. إلا أنه من المحتمل الكشف عن تابوت من الجرانيت داخل حجرة الدفن وربما بعض الآثار المتبقية من العتاد الجنائزي للملكة مما خلفه اللصوص وراءهم.

والكشف عن عمارة هذا الهرم يمدنا بتفاصيل معمارية كثيرة تجعلنا نضعه بين أهرامات الأسرتين الخامسة والسادسة من الدولة القديمة. وحول الهرم يقوم سور ضخم من الحجر الجيري، وقد عثرنا في الناحية الغربية على جزء من الكساء الخارجي للهرم من الحجر الجيري الأبيض، الذي كان الفراعنة يقطعونه من محاجر طره الملكية بالقرب من حلوان على الضفة الشرقية لنهر النيل. وبحساب زاوية بناء الهرم 51 ْ يمكننا القول إن ارتفاع الهرم الأصلي كان 15 متراً. أما المنازل التي بُنيت من الطوب اللبن وعثر عليها في الناحية الغربية من الهرم فهي إما مخازن أو منازل للكهنة القائمين على الخدمة الجنائزية.

ويحتمل أن الهرم نهب أكثر من مرة على مر العصور القديمة، وجاء التدمير الشديد لعمارته في العصر المتأخر، ثم غطته الرمال لارتفاع أكثر من 20 مترا. وسر سعادتى بهذا الكشف هو أنه الهرم رقم خمسة الذي أقوم باكتشافه خلال حياتي العملية؛ منها كما ذكرت الهرمان اللذان أعدت كشفهما للملكتين «خويت» و«إيبوت» زوجتى الملك «تتي»، والثالث هو الهرم رقم 29 بجوار هرم «تتي». أما الهرم الرابع فهو الهرم العقائدي للملك «خوفو» صاحب الهرم الأكبر.. وأجمل ما في كل كشف هو فرحة كل المصريين به وتهنئة الناس لي قائلين، «مبروك الهرم الجديد»...

www.guardians.net/hawass