السودان.. القط والكلب والعصا!

TT

خيّر الحكم السوداني الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما بين أمرين، إما التطبيع أو المواجهة! وبعد ذلك بيوم خرج الرئيس السوداني بتصريحات نارية أضاف إليها تهديدا وهجوما آخر على الغرب كله.

ورفض الرئيس السوداني فكرة تسليم أي مطلوبين سودانيين لتجنيبه المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم دارفور، حيث قال إنه لن يسلم حتى قطاً لأن من الممكن أن يصنع من جلده حذاء، وهذه بالطبع إشارة إلى حادثة إلقاء الحذاء الشهيرة على جورج بوش!

الغريب أن البشير هاجم الغرب قائلا «يعتقدون بأن الأرزاق بيدهم عندما يغلقون أبواب البنك الدولي في وجهنا، ونحن نقول لهم لا أحد يموت قبل يومه»، ووجه الغرابة هو أن يأتي هذا الكلام في الوقت الذي طالب فيه البشير سكان الدالي والمزموم بأن لا ينساقوا خلف شياطين الإنس، وطالب أبناء تلك المناطق بالصبر في طلب الخدمات قائلا «من حق أي مواطن أن يحصل على الخدمات التي يريدها.. ولكن عصاتي هذه ليست عصا موسى وإنما عصاة عمر البشير، هي للكلب وأولاد الكلب»، مضيفا أن «العافية درجات»!

هذه المتناقضات الغريبة في التصريحات النارية ضد كل من أميركا والغرب، والبنك الدولي، والمطالبين بالخدمات من السودانيين، ذكرتني بطرفة أرسلها إلي صديق قبل أيام على الهاتف الجوال. تتحدث الطرفة عن دولة تعاني من أزمة مالية حادة حيث «دعا وزير التنمية إلى اجتماع لأن بلاده تمر بأزمة اقتصادية قاسية، وقال بحضور الزعيم والوزراء: البلاد بلا بنى تحتية، وبلا أساسيات الحياة الكريمة، والعالم يمر بأزمة مالية ولن نجد من يقرضنا المليارات من الدولارات.. علينا تدبر الأمر بشكل عاجل».

قفز أحد الوزراء قائلا: «لدي حل مجنون، لكنه سيوجد لنا مخرجا.. نضرب أميركا بعملية إرهابية كبيرة، فتأتي لاحتلالنا، ومن ثم ستكون أميركا ملزمة بموجب القانون الدولي لتسيير الأمور في البلاد»، مضيفا «حينها ستدعو واشنطن لمؤتمر للدول المانحة وتوفر لنا المليارات ونعيد بناء بلدنا»! تقول النكتة، سكت الجميع بذهول منتظرين رد الزعيم. لحظات وقال الزعيم «ما يقلقني هو ماذا لو انتصرنا على أميركا، كيف سندير الأمر هناك، ومن سيستجيب لنا إذا دعينا لمؤتمر للدول المانحة»!

تذكرت تلك الطرفة بأسى مع التهديدات السودانية للغرب والاستعداد للمواجهة العسكرية، وخصوصا التصريحات الخاصة بالبنك الدولي، والقول للسودانيين بأن لا أحد يموت قبل يومه. صحيح أن لا أحد يموت قبل يومه، لكن هذا كلام يقوله فرد غير مسؤول عن عائلة أو أبناء، لكن عندما يصدر عن رئيس دولة فهو أمر غير مقبول، فكلكم راع، وكل راع مسؤول عن رعيته!

وواجب كل دولة ومسؤول هو توفير الأمن والعيش الكريم لمواطنيه، لا المغامرة بالبلاد ومقدراتها، فكيف لدولة تريد دعم البنك الدولي، وعون العالم، أن تهدد بخوض معركة مع العالم، وتقول لمواطنيها إن عصا الزعيم ليست عصا موسى بل «عصا للكلب وأولاد الكلب»!

[email protected]