يرفض إلا أن يتذكر

TT

اختار العراق العام 1971 المحامي اللبناني جهاد كرم سفيرا له في البرازيل من أجل الدلالة على قومية حزب «البعث». ولم يكن جهاد أكثر البعثيين حماساً ولا بأساً. بل كان حزبياً متردداً يكره العنف والشدة، غير أنه دخل الحزب ولم يعد قادراً على الخروج، كما نصحه والده منذ البداية. لكن برغم مسالمته ووداعته أحبه الرفاق العراقيون وفي مقدمهم الرفيق السيد النائب صدام حسين. ورأت بغداد في إيفاد لبناني إلى البرازيل خطوة ذكية في حد ذاتها، بسبب أعداد المغتربين اللبنانيين ونفوذهم وثرواتهم وحضورهم السياسي الواسع.

الشيء الوحيد الذي لم ينتبه إليه النظام، برغم دقته في التقارير، خصوصاً المتعلقة بالرفاق، هو أن السفير البالغ من العمر 35 عاماً، مشهور بالسقوط السريع أو الصريع، أمام الجنس البشري الناعم.

نسبة بالجمال ليست شرطاً. الجنسية والعرق واللغة والثقافة والوزن الإجمالي، ليست شرطاً. المهم أن تكون معها شهادة ولادة خالية من الغش. تمتعت بقراءة كتاب «حديث الذكريات في السياسة والدبلوماسية والمرأة» لأن كل الذي قرأته كنت قد سمعته من جهاد غير مرة خلال أربعين عاماً. واعتقدت أنه عندما يدوَّن مذكراته سوف يستخدم شيئا من البهار وقليلا من الملح، لكنه لم يضف ذرة إلى إخفاقاته الموصوفة في عالم النساء. وعدَّد جميع اللاتي تقدم إلى خطبتهن (دون أسماء) وقررن الزواج من أصدقائه ورفاقه. وروى كيف أغرم بصوت عاملة الهاتف في الفندق لدى وصوله إلى البرازيل فذهب سعادة السفير واشترى لها هدية ثمينة وفي اليوم التالي اتجه خجولا نحو غرفة «السنترال» فإذا به أمام شمطاء حيزبون، فترك الهدية وفرَّ إلى فندق آخر. وفي إحدى الحفلات أذهلته (كالعادة) سيدة جميلة فأرسل إليها في اليوم التالي هدية ثمينة وفي اليوم الثاني هدية أخرى وفي اليوم الثالث هدية ماسية، فاتصلت به وقالت «يا صاحب السعادة. أنتم اللبنانيون كرماء إلى درجة الهبل. لم يخطر لك لحظة أن ثروة زوجي تساوي ثروة العراق من النفط والتمر. إلا قليلا».

ومن مذكرات جهاد عرفت للمرة الأولى في حياتي أن رئيس التشيلي سلفادور أليندي أبلغه أن جده لبناني من عائلة غصن، وربما قريبا من كارلوس غصن.