شهر التمارين السياسية

TT

نرى استعدادات كثيرة، نصب سرادقات، وعقد ندوات، ورحلات لسياسيين مكثفة. جيمي كارتر، الرئيس الاميركي السابق، بين بيروت ودمشق، والاتراك يستضيفون الحوار بين سورية واسرائيل بما في ذلك الحديث عن حدود الجولان. ومجلس الأمن بدأ نقاشا حول دعم مشروع السلام في الشرق الأوسط، رغم انه لا يوجد مشروع معتمد. وباشرت الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن، مع المانيا، التشاور في كيفية مواجهة الخطر الايراني في الخليج.

يبدو انها مثل جز عشب الملعب استعدادا للمباريات المهمة، ونحن حقا في حالة استعداد كبيرة للعام المقبل. اسابيع قليلة مقبلة تفصلنا عن الادارة الحكومية المنتخبة في واشنطن.

كارتر، رغم انه لا يملك صفة رسمية ولا صلاحيات، قال كلاما مشجعا أيضا من اننا مقبلون على احداث ايجابية كبيرة مع بداية الرئيس المنتخب باراك اوباما. وهو، اي اوباما، لن يعطي منطقتنا الاولوية ما لم يشعر انه قادر على تحقيق نتائج مهمة والا لماذا يقدمها على عشرات القضايا المهمة الأخرى. فامام هذا الرئيس الجديد من التحديات الداخلية والخارجية بما يجعله يختار، هل ينشغل تماما بحل الأزمة المالية ذات الاولوية الداخلية، ام يبدأ بخطوات متعددة صغيرة في اتجاه ايران وسورية والعراق وفلسطين وافغانستان وجورجيا والسودان والصومال وزيمبابوي وكوريا الشمالية؟

وعسى ان تهيء التمارين الجارية لشهر يناير وما بعده، وعساها ايضا ان تنشط التفكير العربي خاصة عند الاطراف المعنية بأمن الخليج والسلام مع اسرائيل. فاذا استطاعت سورية جر الاسرائيليين، ولو انهم تحت قيادة مؤقتة ممثلة في ايهود اولمرت، نحو حسم ما تبقى من تفاصيل ستختصر الكثير من الجهد والمخاطرة. والأهم تدريب العقول العربية على مشاهدة التفاوض مع اسرائيل والقبول به كوسيلة مشروعة لاسترداد الحقوق المسلوبة، بعد ان كان الجلوس معهم خيانة.

وستبنى الاربع سنوات المقبلة على بدايات الاشهر المقبلة، وهنا الشكر او اللوم يجب ان يعطى لمن يستحقه، أي الدول المعنية بالقضايا الاساسية، مثل ايران وسورية. فان اختارت ايران الاصرار على التخصيب المنعزل، رغم وجود خيارات تسمح لها بتخصيب اليورانيوم بدون ان تبني سلاحا نوويا، فانها عمليا تكون قد اختارت الحرب في زمن اوباما. وان قررت سورية السير وراء ايران في حال اختارت الثانية المواجهة فان عهد اوباما سيكون حاسما لسورية اكثر من زمن بوش.

شعوري ان ايران، وهي اللاعب الرئيسي في منطقتنا، ستجرب اوباما، وقد تمنحه فرصة حل الخلاف الايراني الاميركي الطويل العهد. السبب ان الخلاف وصل منتهاه، ولم يعد يحتمل الاستمرار الا بالمخاطرة بالحرب المباشرة، ووصل الطرفان الى نزاع لا يمكن لاحدهما السكوت عليه.

أرجو ان يصدق حدسي، مع انني اعترف انه، بكل اسف، لم يكن مصيبا في المرات الماضية حيال ايران في زمن هاشمي رافسنجاني وكذلك محمد خاتمي، حيث توقعت انفتاحا ومصالحات شاملة. الفارق بين اليوم والامس ان المواجهة هي أكثر احتمالا وبالتأكيد أكثر خطورة.

[email protected]