هل سقط وعد بلفور الثاني؟

TT

اتفاق الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن زائدا ألمانيا على مواصلة المشاورات مع دول الخليج ومصر والأردن والعراق بعد الاجتماع الذي عقد في نيويورك، الأسبوع الماضي، بشأن أمن الخليج والشرق الأوسط والملف النووي الإيراني، يعد مؤشراً مطمئناً.

فالمعلومات التي رشحت تقول إن هناك تفهماً غربياً لمخاوف دول المنطقة حول تدخل إيران في شؤونها الداخلية، ناهيك عن المخاوف من اغراء إيران بحوافز تضمن لها دوراً في أمن المنطقة! الدول العربية خرجت بتأكيدات من الغرب على ألا يتم منح أي دور إقليمي لإيران على حساب منطقتنا، حيث قال لي أحد الحضور «لمسنا تفهماً وجدية منهم».

بالطبع، قاطعت قطر وعمان الاجتماع، فالعمانيون يرون وجوب إشراك إيران في الحوار، وعدم دعوة طهران في نيويورك يعد رسالة مهمة لإيران لعلها تدرك مغزاها. وهنا نتمنى أن لا يفاجئنا أحبتنا في مسقط بدعوة نجاد للقمة الخليجية.

أما القطريون، فقبل أن تشاع معلومة الحوافز الغربية لطهران، سمعت رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم يقول إن معلوماته تشير إلى نية الغرب إعطاء إيران حوافز؛ ضمنها دورٌ في المنطقة. وعليه يقول الشيخ حمد: لماذا ننتظر حتى نتحول إلى جزءٍ من صفقة، فنحن أولى بحل قضيتنا مع إيران. وهذا كلام صحيح، لكن هل نحن مُطالبون بالإسراع بتسليم مصالحنا لايران لنطمئنها، فطهران هي التي بحاجة لطمأنتنا.

سعي ايران للسلاح النووي خطر حقيقي على منطقتنا، وليس على إسرائيل. ففي غمرة التهديد الاسرائيلي لايران، ترد طهران دائماً بتهديد أمن الخليج. وإذا كان الغرب يخشى الصواريخ التي تقول إيران إنها تطورها، فنحن نخشى القنابل الايرانية المزروعة بيننا!

أبسط مثال على ذلك، ما حدث أول من أمس في البحرين، فرغم دعوات خالد مشعل المتكررة للخروج في مظاهرات عربية لم يستجب أحدٌ، لكن ما أن دعا حسن نصر الله إلى مظاهرة لمناصرة أهل غزة حتى خرج بعض البحرينيين إلى الشوارع. وهذا ليس كل شيء، بل إن المتظاهرين قاموا برشق رجال أمن البحرين بالحجارة. ولا يمكن وصف ما حدث في البحرين إلا باستعراض قوة يقوم به مندوب إيران السامي في منطقتنا حسن نصر الله!

فكم هو غريب أن يقوم ملك البحرين باصلاحات في بلاده، ويتنازل عن بعض الصلاحيات من أجل وطنه ومواطنيه، بينما يقوم البعض بمصادرة قرارهم وحريتهم، ناهيك عن دستور بلادهم، ليمنحوا أمرهم إلى مندوب الولي الفقيه.

أما فيما يخص الغرب، فان اجتماع نيويورك كان مهماً لتذكير من يقول إن امتلاك إيران للسلاح النووي قد يرضي غرورها ويجعلها أكثر رشداً، وهذا أمر غير صحيح، فلم يعد السلاح النووي للهند وباكستان رشدهما، كما لم يمنع متطرفيهما من القتل والدمار.

أهمية مؤتمر نيويورك، ان الغرب وقف بنفسه على القلق الذي ينتاب دول المنطقة، وأن الاجتماع كان بمثابة رسالة إلى إيران بأن وعد بلفور الثاني قد لا يتحقق، فالغرب الذي لا يملك قد يفهم ان ليس من حقه اعطاء من لا يستحق، أمننا ومستقبل أبنائنا!   

[email protected]