أين المهرب والملجأ؟!

TT

قرأت هذا الخبر الذي بثته وكالات الأنباء، وهو خبر ليس فيه من الطرافة شيء، بقدر ما فيه من «رفع الضغط» والهلع الذي قد يصيب الكثيرين.

إن أردتم أن تطلقوا على هذا الخبر أو الاختراع مسّمى: (فضيحة) فلا مانع، أو (جريمة) يكون أحسن، أو (إحراج ما بعده إحراج) فهذا هو الواقع الذي لا مهرب منه.

الخبر يا سادتي يقول التالي وبالنص:

«ستجرى قريباً في مطار نيس جنوب شرقي فرنسا تجربة بوابة أمنية تعمل بموجات تكشف أجساد الركاب للكشف عن أجسام خطيرة قد تكون مخبأة تحت الملابس.

وقال مصدر ملاحي إن البوابة التي تعمل بالموجات الملمترية تخترق الملابس والملابس الداخلية وتظهر على شاشة المراقبة صورة جسد الراكب.

لكن التقنية تضمن الخصوصية والسرية للركاب، حيث تظهر صورة الوجه والأعضاء الحميمية مشوشة، ويتم تخصيص نساء لفحص صور الراكبات ورجال لفحص صور الركاب قبل محوها.

وستتم تجربة الجهاز على ركاب متطوعين ستشرح لهم طريقة عمله بالتفصيل.

ولم تعارض اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات ولا دائرة الشؤون القانونية والحريات العامة في وزارة الداخلية، كما وافقت المفوضية الأوروبية على إجراء التجربة.

وتم اختبار أو يجري اختبار التقنية في مطار شيبول في هولندا، ومدريد ومكسيكو وموسكو وفي الولايات المتحدة».

أنا أخذت أفكر بهؤلاء (المتطوعين) الذين تقدموا بكل (أريحيّة) لكي تجرى عليهم التجارب، وتخيلتهم مجموعة من (العابثين) الذي لا يهم الواحد منهم أن يظهر وجهه أو قفاه للعيان ـ (سيّان).

حقاً إن هذا الاختراع سيقلب (الموازين) ـ وأي موازين ـ!!، عندها لا يستطيع الإنسان الورع أن يستر نفسه مهما تدثر بالملابس الصوفيّة والجلديّة، فكله سيصبح على المكشوف والعياذ بالله من أكثر المناظر، وإنني على يقين أن حالات القرف والاستفراغ ستمتلئ في الشوارع ـ خصوصاً عندما يعمم وينتشر هذا الاختراع بين الجميع مثلما تنتشر في هذه الأيام التلفونات المحمولة ـ.

وسوف يتحول العالم كله إلى ناد كبير للعراة ـ حقا إن الإنسان كان (ظلوماً) ـ.

وإنني شخصياً من الآن سوف أعود نفسي على الوحدة، لا خروج إلى الشارع البتة، ولا حضور مناسبات إطلاقاً ولا أصدقاء ولا معارف، سوف أغلق على نفسي الباب طلباً للستر ـ إلى أن يسترد الله أمانته ـ.

ولكن المشكلة أنني (مفضوح مفضوح)، فحتى الجثمان الملفوف فوق النعش سينتهك ويتعرىّ أمام اللي يسوَى واللي ما يسوَى فالميت عريان، والمشيعون كذلك عرايا، هل تخيلتم المنظر معي؟! إذن أين المهرب والملجأ؟!

[email protected]