من نجاح إلى نجاح: اكتب! (1 ـ 3)

TT

كنت قد فرغت من رحلتي حول العالم في 200 يوم سنة 1959.. في الواقع هي 228 يوما. ولا أعرف كيف حدث ذلك. لم أشعر أنها طالت أو كانت قصيرة. وإنما حدث ما حدث. وينتهي كل شيء وبدأ الإعجاب في عيون الناس. ولكني أشعر بالسعادة أن عدت إلى أمي وأنها في صحة جيدة. ورحت أروي لها قصصا ومغامرات لم تقع. فهي لا تعرف بالضبط أين كنت ولكنها كانت تتلقى ما يطمئنها من أصدقائي الذين اتفقت معهم على أن يقولوا لها إنني كنت أسافر برا.. ولا أركب البحر وطبعا.. ولا الهواء..

ولا أعرف كيف انتقلت من دولة إلى دولة ومن قارة لا أعرفها إلى قارة أخرى لا أعرفها.. كيف؟ وكل ما في يدي حقيبة صغيرة بها أوراق وماكينة حلاقة. أما الملابس فكنت ألقي بها أولا بأول.. ولا أعرف كيف تخلصت من الثعابين ومن القرود ومن قطاع الطرق وكنت وحدي. ولم أكن أعرف أن لدي هذه الشجاعة ولا إن كانت الشجاعة هي الكلمة المناسبة أو هي الجرأة.. أو هو التوكل على الله.. المهم أنني مضيت من مطب إلى مشكلة إلى الخلاص في النهاية! لا أعرف.. هل فكرت في أحد.. هل تذكرت زملائي أو أصدقائي.. لا أظن ذلك.. ولكن اعتدت على أن أجلس وأن أكتب وأن أبعث بمقالاتي بالبريد.. كم من المقالات قد نشرتها صحف أخبار اليوم وآخر ساعة والأخبار والجيل..

حتى تلقيت خطابا من الأخوين مصطفى أمين وعلي أمين صاحبي (أخبار اليوم) يطلبان مني أن أكتب لأخبار اليوم فقط.. وأن إحدى مقالاتي قد أعجب بها الرئيس عبد الناصر! فلماذا لا أكتب في هذا الموضوع إن استطعت!

وتلقيت خطابا منهما يقول: أين عنوانك لنبعث إليك بخطابات إعجاب وتهنئة من القراء.. ومعها إعجابنا أيضا وتحيات من والدتك وهي في صحة جيدة.. مبروك استمر من نجاح إلى نجاح!