سنة وراء سنة

TT

أيام قليلة ويسدل هذا العام ستاره. وهناك كثيرون حول العالم سينتهزون فرصة انقضاء السنة ومراجعة ما تم فيها، وذلك لمعرفة وتقييم أنفسهم. وقد كانت السنة حافلة ودسمة بها أحداث كثيرة ستلاحقنا تبعاتها للعام القادم أيضا. وهناك الحادث الأبرز، وهو الأزمة الاقتصادية العالمية (والتي حتى اللحظة غير معروفة أسبابها الحقيقية ولا حجم المشكلة ومداها!) وما تلا ذلك من ركود واضح وهبوط حاد في السلع الكبرى كالنفط والحديد وغيرها، والانهيار الحاد في البورصات المالية بشكل مرعب.

سياسيا يبقى فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية هو الحدث الأبرز، وهو حدث صاحبه ترحيب واحتفائية عالمية، فالكل رحب بالاختيار الذي وعد به أوباما، وهو اختيار «التغيير»؛ فالكل سئم من جورج بوش وسياساته وبالتالي بات أي تغيير مسألة مرحبا بها وبشدة.

في البحر الأحمر وتحديدا بعد باب المندب ظهرت ظاهرة مقلقة هائلة جديدة وهي القرصنة البحرية، عصابات من الصوماليين يعتدون ويخطفون السفن في عرض البحر ويطلبون الفدية تلو الأخرى من ملاك المراكب مما استدعى تدخل القوات البحرية لدول كبرى مثل روسيا والهند والصين وفرنسا، والمشكلة لم تحسم حتى الآن ويبدو أنها إلى تصعيد. الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد يحتل نفس العناوين بقدر احتلال العناوين الخاصة بالصراع البيني بين الفلسطينيين أنفسهم، حتى باتت القصة مثار تندر وتعجب، ويبدو أن العام القادم سيكون حاسما للصراع البيني مع وجود حكومات جديدة في فلسطين وإسرائيل وأمريكا. سورية دخلت في مفاوضات من جديد مع إسرائيل بصورة غير مباشرة عن طريق وسيط تركي، ويبدو أن المفاوضات مرشحة لأن تستمر وتتطور بشكل أكبر. احتلت الجريمة العناوين الصحفية، وكانت جريمة مقتل الفنانة اللبنانية سوزان تميم بشكل مقزز مثار اهتمام كبير في العالم العربي، وكشفت عن علاقة المال بالفن وبالسياسة وبالإعلام بشكل مثير ومخيف، ولا تزال القضية لم تحسم والملفات «الغامضة» ستفتح في العام القادم والذي سيعلن فيه الحكم عن قضية ينتظر نتيجتها الرأي العام بشغف كبير. أولمبياد بكين كان الأكثر نجاحا؛ فقد بهر الصينيون العالم بحفل الافتتاح والتنظيم، وتألق السباح الأمريكي الأسطوري مايكل فلبس بإحرازه 8 ميداليات ذهب في إنجاز يصعب تكراره مرة أخرى، وحطم الجامايكي أوسين بولت الرقم القياسي لسباق المائة متر بإبهار، وكانت خيبة الرياضة العربية فيها مدوية ونتائجها معيبة لتؤكد أنه حتى في الرياضة هناك فجوة حضارية مهولة يصعب ردمها بالأساليب السطحية المستخدمة حاليا. كان للعراق ولبنان والسودان نصيبها من الأخبار أيضا، ولكنها أخبار رتيبة ومحبطة لم تعد تنال التواصل والتعاطف المعتاد. العام القادم لن يكون سهلا، علاماته تبدو قاسية وصعبة وخصوصا على الصعيد الاقتصادي.. ولكن لا وسيلة ولا طريق ولا سبيل إلا بالتفاؤل.

[email protected]