هل يفعلها الأسد؟

TT

هل سورية في عزلة؟ بكل تأكيد. هل لديها أصدقاء؟ من الصعب القول نعم أو لا، فأصدقاؤها اليوم كالشيك غير المصدق، فلا أحد يستطيع الجزم بعلاقات دمشق مع طهران، وحزب الله.

وبالنسبة للفرنسيين فما زالت باريس تتحدث عن دمشق بلغة الشرط، إذا فعلت دمشق وإذا لم تفعل، وهذا مؤشر على انعدام الثقة من طرف باريس تجاه دمشق، ولذا فإن لدى السوريين اليوم قلقاً، وأمامهم فرصاً.

دمشق قلقة من محكمة الحريري، ومن عزلتها العربية والدولية، وقلقة من أن تبدأ فترة إدارة أوباما الجديدة بخطأ قاتل، وهذا يعني سنوات أخرى من العداء مع واشنطن، وهو أمر لا تريده سورية.

أمر آخر مقلق للسوريين، فالرئيس الأميركي المنتخب أوباما وعد بالتعامل مع إيران على طريقة العصا والجزرة، فإن استخدمت العصا فسورية ستجد أنها الحلقة الأضعف في حال ضرب طهران. وإن ذهبت الأمور بين واشنطن وطهران من خلال الجزرة، أي التفاوض من دون استخدام قوة، فبالتأكيد أن دمشق ستكون بندا تفاوضيا بين واشنطن وطهران، مثلها مثل حزب الله وحماس والعراق.

واليوم تشير التقارير إلى إمكانية عقد لقاء بين الرئيس السوري ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت لتدشين المفاوضات المباشرة بين البلدين، وإن حدث ذلك فسيكون بمثابة الخط السريع للسوريين من أجل كسر عزلتهم وتفادي عقبات تنتظرهم، والوصول إلى العلاقات التي يريدونها مع واشنطن.

قد تكون المسألة كلها تكهنات، لكن الرغبة السورية في التفاوض مع إسرائيل تبدو جدية، حتى بعد حسم مسألة الرئاسة الأميركية، على اعتبار أن البعض كان ينظر للموقف السوري على أنه عملية شراء وقت.

والاسرائيليون يقولون إن السلام مع سورية أقرب من تحقيق مشروع الدولتين بالنسبة للقضية الفلسطينية، بل إن بعض التقارير تشير إلى أن المفاوضات بين دمشق وتل أبيب قطعت شوطا كبيرا.

واعتقد أنه من أجل أن يتحقق مشروع السلام ككل في المنطقة فإن السلام السوري ـ الاسرائيلي قد يكون هو الأكثر واقعية، حيث أن دمشق لن تترك المسار الفلسطيني مع الاسرائيليين يمر مرور الكرام قبل أن تنهي هي ملف الجولان مع اسرائيل. وبالتالي فإن انهاء الملف السوري ـ الاسرائيلي يعتبر أمرا قابلا للتنفيذ أكثر، وسيكون بمثابة انقلاب حقيقي في المنطقة، وسيصبح من مصلحة السوريين إتمام عملية السلام الاسرائيلية ـ الفلسطينية.

وبالتالي فإن الفرصة مواتية اليوم للسوريين لضرب عصفورين بحجر، الأول استعادة الجولان، والثاني كسر العزلة العربية والدولية، وحينها سيكون لبنان بمثابة السكر الذي يوضع فوق الكعكة، كما يقال.

فاسرائيل لا تكترث بلبنان بقدر حرصها على أن يكون السوري عدوا لحزب الله، من أجل تفكيك تحالفات إيران بالمنطقة، ومن الطبيعي أنه لا يمكن ان يكون هناك سلام سوري ـ اسرائيلي مع علاقات ايرانية ـ سورية طبيعية.

السؤال هو: هل يفعلها الأسد ويمضي في عملية السلام مع إسرائيل؟ فإذا فعلتها دمشق فستكون ـ كما أسلفت ـ بمثابة انقلاب بالمنطقة، وحينها لن يجد خالد مشعل شقة مفروشة للإيجار بدمشق، وسيصبح نصر الله أكثر اعتدالا من 14 آذار!

[email protected]