وأنا من الأواهين البكائين!

TT

إنهم يبكون من قرب الحبيب.. ويبكون من بعد الحبيب.. ويبكون في حضرة الحبيب.. والحبيب عندهم هو الله..

وأنا يا رب أبكي كثيرا أمام الشمس وأمام القمر.. وأمام البحر.. وأغمض عيني فأبكي.. يا رب أنا مش فاهم.. يا رب عظمي أرهق وقلبي أرهق وعقلي أرهق وأنا ضحية الاثنين فكيف لا أبكي..

قل لي يا رب أعمل إيه؟

مش فاهم يا رب.. إيه العظمة دي كلها.. إيه الأبهة التي أراها في النجوم.. وإيه الحكمة وراء كل شيء.. يا رب لا أعرف لك أولا ولا آخرا.. لا بداية ولا نهاية. فكيف أفكر فيك.. كيف؟ مش عارف يا رب.

كم مرة ذهبت إلى أحد المراصد الجبارة وجلست.. وطال جلوسي ونظرت وتأملت ما هذا يا رب.. لا أفهم. لا أعرف ولا أستطيع ولذلك أبكي يا رب.. أبكي عجزي أمام عظمتك.. أبكي ضعفي أمام جلالك.. وأحسد الصوفية الذين سهلوها على أنفسهم وقالوا إن الله هو الحبيب هو المعشوق..

لما سألوا نيوتن وهو أعظم عقل خلقه الله: أين أنت من الكون؟

قال دون أن يبكي على حاله: إنني مثل طفل يلعب ببعض الأصداف على شاطئ محيط الكون الذي لا أعرفه!

ولم يذرف دمعة واحدة على عجزه عن معرفة الحكمة وراء كل شيء!

ولما سألوا اينشتين قال: إن الذي يعرفه بالقياس إلى ما لا يعرف مثل طابع بريد ألصقوه على قمة مسلة فرعونية!

وذهب يكمل أبحاثه دون أن يذرف دمعة واحدة.. وإنما قال وهو ينفث دخان سيجاره. وبس!

إنني واحد من الأواهين البكائين والسبب إنني مصر على أن أحشر نفسي أمام أعظم العظماء، وأحكم الحكماء!