الذهاب إلى الدوحة ضرورة

TT

مع كل الاحترام لرأي بعض المنظمات او الجهات في الدول العربية بعدم حضور المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية الذي سيعقد في الدوحة في قطر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لان اسرائيل ستشارك فيه، فان هذا الرأي خاطئ، ويضر بالمصالح العربية باعتبار ان الدول العربية معنية بالمناقشات التي ستدور هناك حول قضايا تمس مصالحها الحيوية، ويجب ان تكون طرفا فاعلا في هذا النقاش لا ان تكون غائبة عنه.

فأولا، قطر هي دولة مضيفة لمؤتمر المنظمة التي تمثل اقتصاديا دول العالم وتحضر اجتماعاتها الدول الاعضاء كلها، والمراقبون، وبينهم الدول التي قدمت طلبات عضوية وما زالت تنتظر الموافقة على انضمامها، واسرائيل بين هذه الدول التي ستحضر، كما تحضر اجتماعات الامم المتحدة ومؤتمراتها، وتحضر معها هذه الاجتماعات الدول العربية، ولم يتحدث احد من قبل عن مقاطعة اجتماعات الامم المتحدة بسبب وجود اسرائيل فيها. وثانيا، فان المؤتمر ليس بين جدول اعماله اجراء مباحثات مع اسرائيل او التفاوض معها، ويمكن لأي وفد لا يريد التعاطي مع وفدها مقاطعته. واذا كانت المشكلة هي وجود وفد اسرائيلي في عاصمة عربية في وقت تتصاعد فيه المواجهات في الاراضي الفلسطينية، فان خسائر المقاطعة اكبر بكثير من اتخاذ موقف سيكون في النهاية رمزيا، ولن يتذكره أحد لأن العالم سيكون مشغولا خلال ايام المؤتمر بقضايا اكثر عالمية واهمية بالنسبة له.

ومؤتمر الدوحة هو محاولة جديدة بعد الفشل الذي تعرض له المؤتمر السابق في سياتل في الولايات المتحدة لاطلاق جولة جديدة من مفاوضات التجارة العالمية تتعلق أساسا بتحرير تجارة الخدمات مثل قطاعات التأمين والبنوك، وكذلك مسألة الملكية الفكرية، وذلك بعد ان أنجزت في جولتي المفاوضات السابقيتين في الاوروغواي واليابان الى حد كبير مسألة تحرير التجارة السلعية.

وتجارة الخدمات اكثر تعقيدا واهمية في مفاوضات التجارة العالمية، لأنها في جانب منها ستفرض تغييرات في التشريعات والقوانين الداخلية في الدول الاعضاء في منظمة التجارة العالمية في مجالات حيوية، مثل حرية عمل المصارف او شركات التأمين ودخولها الاسواق، او دخول الشركات الاجنبية المناقصات المحلية لتنافس الشركات المحلية التي تتمتع في كثير من الدول بامتيازات معينة، كما توجد قضايا اخرى مطروحة مثل تشريعات تشغيل العمالة والحد الادنى لحقوقها، والبيئة، وكذلك الدعم المقدم لصادرات بعض السلع.

وكل هذه القضايا تمس بشكل مباشر مصالح الدول النامية وبينها الدول العربية، كما هو واضح من عناوين الموضوعات المطروحة للنقاش بهدف اطلاق جولة مفاوضات تجارية عالمية جديدة لو تم الاتفاق على اسسها في مؤتمر الدوحة.

والغياب عن المؤتمر لن يحقق شيئا سوى الاضرار بالنفس، لان ما سيجري الاتفاق عليه سيسري في النهاية على الدول العربية، وبالتالي فان المصلحة تقتضي المشاركة بفعالية ضمن كتلة الدول النامية التي تنتمي اليها الدول العربية، والدفاع عن مصالح هذه الكتلة خلال المفاوضات حتى لا يفرض علينا شيء ونحن غائبون.