إسرائيل.. شركة علاقات عامة

TT

رغم كل ما لدى اسرائيل من امكانيات في الولايات المتحدة، فان الحكومة الاسرائيلية وقعت عقدا بملايين الدولارات مع شركة علاقات عامة في نيويورك مهمتها الدعاية وتحسين صورة الزبون لدى الجمهور، وهي الشركة المسؤولة عن «سمعة» فريق اليانكي للبيسبول، وهو احد انجح فرق البيسبول الاميركية ومقره في نيويورك.

الاسرائيليون نجحوا منذ انشاء دولتهم في التعامل مع الاعلام والحرص على الظهور بمظهر الدولة المتحضرة والمحاصرة من اعداء عديدين، ونجحت اسرائيل في اخفاء كل جرائمها التاريخية ومذابحها الجماعية ضد الفلسطينيين، وسياسة التفرقة العنصرية التي تتبعها ضد مواطنيها من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية.

شركة العلاقات العامة وضعت تقريرا يحتوي على مقترحات لتحسين صورة اسرائيل أمام الأميركان، ووقف التعاطف مع الفلسطينيين، وقلب حقيقة الصراع في المناطق المحتلة، واحد هذه المقترحات «اللطيفة» صبغ البنادق والرشاشات التي يحملها الجنود الاسرائيليون بألوان «فرايحية»، واقترحت ان تطلى باللون البرتقالي واللون العنابي، والاعلان لوسائل الاعلام التي تنقل احداث الانتفاضة ان هذه البنادق ليست بنادق حقيقية لانها تحمل رصاصا مطاطيا، وهي بنادق غير قاتلة، وسيكون شكلها اقرب الى لعب الاطفال منها الى بنادق قاتلة.

اقترحت الشركة تقليل عدد المعنيين بحراسة شارون عند زياراته للولايات المتحدة، فالجمهور الاميركي لا يحب منظر السياسي الذي يحيط به هذا العدد الكبير من الحراس. واقترحت الشركة طريقة لتحرك الحراسة بشكل يوحي بأن الأمور طبيعية، وان شارون ليس مهددا وليس هناك من يريد الثأر منه.

الشركة اقترحت، بل ونفذت في وسائل الاعلام الاميركية، استخدام اصطلاحات جديدة في الاعلام الاميركي، فبدأت بعض وسائل الاعلام تتحدث عن اطلاق النار بين الجنود الاسرائيليين والفلسطينيين، وكأنها تتحدث عن جيشين متكافئين، ولنسيان حقيقة ان هؤلاء جنود دولة محتلة يواجهون مدنيين.

اسرائيل تعلم حقيقتين اساسيتين، اولهما ان الكاميرا اصبحت قوة مقاتلة حقيقية، وان صورة الطفل محمد الدرة منفردة حركت الكثير من البحيرات الراكدة والضمائر النائمة، وثانيهما ان المجتمع الاميركي مفتوح وليس حكرا على أحد، ويستطيع اي فرد او دولة او مؤسسة طرح ما لديه بشرط توفر الارادة والمال الكافي لذلك.

ليتنا ندفع بعضاً مما لدينا من مال لعمل سياسي واعلامي متقدم في اميركا واوروبا، فالرأي العام العالمي هو ضحية كبيرة لكذبة كبيرة، ونحن ضحايا هذه الكذبة وضحايا صانعيها.