آية الله مهدي عاكف

TT

هكذا وبدون مواربة خرج علينا مرشد الإخوان المسلمين مهدي عاكف معلنا أنه لا يمانع بالمد الشيعي في العالم العربي والإسلامي، وأنه لا يمانع البرنامج النووي الإيراني، ولو أدى إلى امتلاك طهران للسلاح النووي.

قلت لأحد الزملاء تفضل ها هو مرشد الإخوان يعترف بنفسه، ولا يرى أي دور تخريبي لإيران الثورة في منطقتنا. فعندما كنا نحذر مما يقوم به الإخوان المسلمون يقال لنا إننا نبالغ، ونناصر بعض الأنظمة على حساب جماعة الإخوان.

رد الزميل بكل هدوء قائلا: «لا أعلم لماذا يبارك مرشد الإخوان المد الشيعي ولا يبارك المد التكنولوجي، أو الاقتصادي، أو حتى الثقافي في مجتمعاتنا، لماذا يبارك مدا لم ينفع أهل وطنه؟».

وقد أزيد على تلك الأسئلة، بجملة تساؤلات أخرى، فلماذا لا يبارك المرشد مد الاستقرار، والسلام، ولماذا يبارك المد الشيعي، بينما الإخوان يهاجمون الحوار بين أتباع الديانات؟ والإجابة على كل تلك الأسئلة بسيطة، وواضحة.

فمباركة المد الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي تتطلب إصلاحا علميا، يطال المعلم والمعلمة، والمناهج، والمباني، من صفوف الابتدائية وحتى الدراسات العليا، وذلك كله بالطبع يتطلب انفتاحا على العالم.

فطالب العلم والتقدم لا ينغلق على نفسه، ولا يدعي الكمال، والقبول بمد الحياة والعلم، يتطلب تنقيح كل ما يطال الإرث التاريخي والإسلامي من شوائب، ويتطلب كذلك تحرير العقول من القمع الفكري.

كل ذلك يتطلب أن تدخل مجتمعاتنا في معامل العلم الحقيقية لاختبار كل ما حولنا، ولا تسلم عقول أمتنا لأمثال مرشد الإخوان، ولا ينحنون تقبيلا ليده، أو يساقون بناء على فتواه، وآرائه التي تجعلنا نبارك قنبلة إيران.

قبول مثل هذا المد، الاقتصادي والثقافي والتكنولوجي، من قبل مرشد الإخوان يعني انتحار الإخوان المسلمين ودفن فكرهم، مثلما أن اعتدال إيران يعني انتهاء الثورة الإسلامية، ودور الولي الفقيه، وهذه هي الحقيقة.

فالمد العلمي والاقتصادي والثقافي لا يجد حيزا له في عقول مختطفة. كما أن من يقبل بتطرف إيران، ويرضى بأعوانها فلا بد أن يكون متطرفا يرضى بذلك من أجل أن يبرر وجوده هو أيضا كند لتطرف إيران، أو أنه امرؤ سلب منه قراره وفكره.

فمباركة مرشد الإخوان للمد الشيعي ما هي إلا نفخ وتأجيج للاحتقان الطائفي بمنطقتنا، حيث تصريحاته هذه تمثل غطاء لطهران، كما أنه استفزاز كبير لشرائح عريضة في منطقتنا، وهو أمر لا يمكن وصفه إلا بالخطر الحقيقي على دولنا واستقرارنا.

الإخوان المسلمون دائما ما يلعبون على شعار أن «الإسلام هو الحل»، لكن لا يقولون لنا كيف؟ كيف يطورون التعليم والاقتصاد، والتعايش داخل الوطن الواحد، وهاهم اليوم يكشفون لنا جزءا من رؤيتهم التدميرية لمنطقتنا، وبأدق التفاصيل، حيث لا يرى مرشدهم أي ضير بالتمدد الشيعي في منطقتنا، والمقلق هنا ليس التمدد المذهبي، فالناس لا تلعب بمذاهبها بهذه السهولة، لكن الخطر الحقيقي الذي يتهددنا هو التوغل الإيراني المهدد لاستقرارنا.

حديث مهدي عاكف عن إيران دليل واضح على عبثية الفكر السياسي لدى الإخوان، ودليل على مدى استعدادهم للمغامرة بأوطاننا واستقرارنا؛ فمعاداة إسرائيل، لا تعني أن ننتحر، وما يطالب به مرشد الإخوان هو أن نقوم جميعا، شعوبا وأوطانا، بعملية انتحارية كبرى!    

[email protected]