ماذا حدث آخر ليلة من 1971

TT

قرأت في «النهار»، يوم الأحد 28 كانون الأول 2008، نصاً عنوانه «بيروت ليلة رأس السنة الاولى من السبعينات» بقلم فاروق عيتاني، يرسم فيه صورة للمدينة تلك الليلة، مقدماً لذلك بالقول انه تخرج ذلك العام من كلية الاداب في جامعة بيروت العربية لكنه لاسباب مادية عمل ذلك العام سائقاً عمومياً.

اذن، نحن امام سائق تاكسي يجوب العاصمة. يصغي الى محادثات الركاب: «بضعة شباب من لبنانيي المناطق، شدهم نداء المدينة، طلبوا توصيلهم الى ساحة البرج. في السيارة تابعوا نقاشهم السياسي. احدهم يؤكد ان عام 1972 هو عام التحرير والتحرر مرددا اوهام المحلل الاستراتيجي الثوري (النائب) زاهر الخطيب، حدث بها قبل يومين. آخر يقاطع ويصر على ان عام 1972 هو عام الوحدة العربية الشاملة، مستنداً الى اعلان السادات والأسد والقذافي قيام «اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة» ظهر ذلك اليوم». ثم يروي كيف كانت كباريهات بيروت تؤدي دورها السياسي «ملهى الفونتانا في عين المريسة مقابل السفارة الأميركية اعتاد على رفع صورة جمال عبد الناصر ـ تحديا للسفارة ـ واضاف اليها قبل سنة صورة ابو عمار. صور القادة الى جانب صورة الفنانة طروب. يافطة قماش رفعت وسط الشارع عليها اعلان عن عشاء لستة اشخاص بـ 150 ليرة. ملهى ريفوليوشن (الثورة) يعلن عن برنامجه الثوري للفنانة ناتاشا (الروسية) اسم متناسق مع البعد الثوري».

ذلك المساء، في صورة بيروت كما يرسمها فاروق عيتاني، تخرج تظاهرة مؤيدة لفيتنام ضد اميركا، وتخرج تظاهرة اخرى ضد قرار وزير التربية غسان تويني الغاء معادلة شهادات التوجيهية المصرية والموحدة السورية بالبكالوريا اللبنانية. لكن بقية بيروت تخرج الى الشوارع والمقاهي والمطاعم. وفي مطعم فيصل الشهير قبالة الجامعة الاميركية تنتهي السهرة بانتحار احد الساهرين «طربا». ثم يأخذنا سائق التاكسي المؤرخ تلك الليلة الى اواخر الليل عندما تسمع في المدينة اصوات اطلاق نار كثيف: «لم يكن احتفالا. كان رصاص اقتحام مخفر طريق النهر وقتل الشرطيين الفرد شيوع ومزيد ابو قنصل على يد مسلحين من الكرنتينا لاطلاق سراح فدائي رفيق لهم، اوقف بالمخفر على خلفية نار الابتهاج في محلة الخضر. كان ذلك زمن عزوف الدولة عن مفهوم الدولة. زمن ممتد لشعوبيات حذاء منتظر الزيدي البغدادي. زمن شارف عمري على الانتهاء ولا يزال مستمرا».