مصير اللاموس لشركات السيارات

TT

على الرغم من الاعتقاد المنتشر، لا ترمي حيوانات اللاموس بأنفسها من فوق المرتفعات لتقلل من أعدادها. ولكن لا يرى مثل ذلك السلوك سوى الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الذي أثبتوا ذلك عندما أجهضوا تشريعا لإنقاذ صناعة السيارات.

وغني عن التوضيح أنه لا يوجد أحد متحمس للاستعانة بأموال دافعي الضرائب التي جنوها بجهدهم من أجل إنقاذ رفاق ديترويت. نعم، أعلم أن السيارات الأميركية أصبحت أفضل مما كانت، ونعم، أعلم أن سيارة شيفروليه فولت التي طالما سمعنا عنها في طريقها للظهور. ولكن تفوقت الشركات الأجنبية المنافسة على صناعتنا المحلية للسيارات في الفكر والنشاط، وليس من المرجح أن تغير أية أموال عامة تضخ في شركاتنا هذا الوضع.

ربما تكون جنرال موتورز وكرايسلر وفورد، وحوشاً من العصر الجوراسي تتحرك بتثاقل وتستحق انقراضها الوشيك. ولكن لا أحد يقول إنه قد حان الوقت الآن للإسراع بزوال ديترويت إلا متشدد لمذهب حرية السوق أو مجنون أو سيناتور جمهوري.

وأعيد في إيجاز: نحن في وسط أزمة مالية عالمية. وقد انفجرت فقاعة العقارات وانهارت الأسعار. ويعاني الاقتصاد من ركود منذ عام مضى. وارتفعت نسبة البطالة إلى 6.7 في المائة، وإذا كان العمال «المرتبطون هامشيا» بالصناعة، الذين توقفوا حتى عن البحث عن عمل، دخلوا في هذه النسبة إلى جانب الذين يريدون العمل بدوام كامل، ولكنهم مجبرون على القبول بعدد قليل من الساعات، تصبح النسبة 12.5 في المائة.

وحتى إذا كانت الشركات الثلاث الكبرى تستحق الموت، فلا يجب أن يحدث ذلك في الوقت الحالي. وعلى الرغم من ذلك تقول النظرية الاقتصادية إنه من الجنون أن نلقي بمئات الآلاف من العاملين في شركة السيارات، وربما عدة ملايين آخرين في سلاسل التوريد والمبيعات، فريسة البطالة، لنتركهم هم وأسرهم تحت رحمة اقتصاد لا يوفر لهم فرص عمل بديلة. وعلى أية حال، سوف ينتهي الأمر بدعم الصناديق العامة لهؤلاء الأشخاص، إلا إذا فقدنا صناعة السيارات المحلية، التي على الرغم من عيوبها الكثيرة، فإنها تظل صناعة السيارات الوحيدة المحلية التي لدينا.

ومن الغريب أنني لا أذكر أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين طالبوا بوضع حد أقصى لرواتب سماسرة البورصة الذين تم إنقاذ وظائفهم في خطة إنقاذ وول ستريت. ولم يصل إلى علمي أن أحدا منهم طالب بتخفيض رواتب الموظفين من أصحاب الياقات البيضاء في شركات السيارات. وأذكر من محاضرات بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ أنهم قالوا إنه غير مستحب أن تتدخل الحكومة في أعمال السوق الحرة. وفي رأيي، تعتبر إعادة التفاوض حول عقود العمل تدخلا.

ويحدث أن بعضا من أكثر المنتقدين لخطة إنقاذ ديترويت ـ على سبيل المثال السيناتور بوب كروكر (الجمهوري عن ولاية تينيسي) والسيناتور ريتشارد شيبلي (الجمهوري عن ولاية ألاباما) ـ لديهم في ولاياتهم مصانع سيارات أجنبية. وأدى ذلك إلى توجيه اتهامات بأنهم يحاولون ـ عن عمد ـ تخريب الشركات الثلاث الكبرى لمساعدة شركات السيارات الأجنبية، ولكني أعتقد أنهم تابعون لمذهب نظري غير عملي ومجرد انهزاميين. وقد خططوا لأن يضعوا حزبهم ضد الاتحادات، وضد الوقف الصناعي المحلي في أميركا، وضد طبقة العمال ذوي الياقات الزرقاء، وعلى نحو مذهل، ضد ولايات الحزام الصناعي، مثل ميشيغان وأوهايو، التي توجد بها مصانع السيارات التي يمثل عمالها اتحاد عمال شركات السيارات، والذين يرجحون دائما كفة سباق الانتخابات الرئاسية.

ولماذا؟ كان أعضاء مجلس الشيوخ الذين صوتوا ضد خطة الإنقاذ يعرفون جيدا أن البيت الأبيض مصمم على إيجاد طريقة لمساندة شركات السيارات في تلك الفترة العصيبة. وبدا وكأنهم لم يتمكنوا من منع أنفسهم. لا بد أن اللاموس يهز رأسه رافضا حتى في وقت الفزع.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»