«إخوان الصفا» لم يبق منهم أحد!

TT

كنت عضواً ضمن جماعة «إخوان الصفا وخلان الوفا». كنا نجتمع ونتحدث في أي شيء ولا أدَّعي أنني كنت أتحدث. فقد كنت طالباً. أما أساتذتي فهم الذين يتحدثون: الدكاترة محمود خضيري وعبد الرحمن بدوي والراهبان الأبوان قنواتي وبولانجية، وكثيرا ما التقى بهم وأنظر إليهم باعتزاز. فقد كان الدكتور خضيري أستاذي في الفلسفة الإسلامية، وهو خريج الجامعات الألمانية.. وكان عبد الرحمن بدوي هو أستاذي في الفلسفة المسيحية والألمانية والميتافيزيقا والمنطق؛ وأهم من كل ذلك أستاذي في الفلسفة الوجودية التي أدين بها.

وعندما أصبحت مدرساً كنت أحاضر فيها للطلبة وأكتب في الصحف. وفي سنة 1950 أصدرت أول كتاب باللغة العربية عن الوجودية. وأدى هذا الكتاب إلى اتهامي بالكفر في خطب المساجد وبالندوات الأدبية!

وإخوان الصفا جماعة فلسفية غير معروفة أفكارها بوضوح، فهي تضم أفكارا مختلفة وأسماء غريبة أيضا. ولكنها تركت لنا 52 بحثا في قضايا مختلفة.. ويقال خمسين فقط.. ويُقال كانوا سبعة ويقال ثلاثة..

لقد سحرنا الاسم. ولا بد أن الذين كونوا هذه الجمعية كان من آمالهم أن يقولوا شيئا جديدا أو يدعوا إلى التفكير الفلسفي أو إلى أي شيء جديد..

ولا أدعي أنني اقترحت على الدكتور عبد الرحمن بدوي أن ينتهز هذه الفرصة ويتجه بها إلى الفلسفة الوجودية.. لم يشأ ولم يتحمس.. فاتجهت أنا وحدي إلى الدعوة إلى الوجودية في كل ما أكتب. وانشغلنا؛ كل واحد في سبيل.

وانتقل إلى العالم الآخر كل أعضاء «إخوان الصفا»، الواحد وراء الآخر، ولم يبق شاهد عليهم سواي. يرحمهم الله جميعاً فقد كانوا أفضل الأساتذة وآخر الأصدقاء!