عاشا في برلين وماتا في القاهرة!

TT

كنت في برلين. والتقيت بالصدفة بأخوين كان لهما سيرك أيام هتلر. ولهما صور مع هتلر. وكان سعيدا بلقائهما. وانتحر هتلر وانهدمت ألمانيا العظمى على دماغ أهلها ـ هدمها الحلفاء.. الأمريكان والانجليز والفرنسيون.. وانهدم السيرك بما فيه من عمال وحيوانات.. وأملهما في أن ينتقل إلى القاهرة لأنهما مصريان. ونظرت إلى الأخوين. إنهما قصيرا القامة. الرأس كبير أصلع.. والعيون واسعة وحلوة وقوية فهما من المنصورة ـ صحيح السيرك اختفى لكن لا يزال عندهما أمل في أن يقيما أحسن منه في مصر أو في البلاد العربية. وكان لا بد أن يسافرا إلى مصر. والتقينا في مصر. وسألتهما. وفهمت أن إقامة سيرك في مصر صعبة جدا. فقد لاحظا أن الإجراءات الحكومية بطيئة جدا. وأنهما يحتاجان إلى سنوات لكي يعترف أحد بقدرتهما على بناء السيرك. وعدلا عن فكرة السيرك. ولم أعرف ما الذي يجب أن أفعله لكي أساعد الأخوين عبد الرحيم وعبد العزيز نصر..

ولم أنتظر وقتا طويلا فقد جاءني أحدهما بفكرة.. وأعجبتني الفكرة ورحبت بسرعة بالاستعداد لمساعدته.. لأن وزير الصناعة عزيز صدقي في ذلك الوقت كان صديقي. وأكدت له أننى وعزيز صديقي كنا في الأردن وسوريا ولبنان وكنا ننام في غرفه واحدة. أي أنني أعرفه ويعرفني جيدا. وأن المسافة بيننا قصيرة جدا وأنا استطيع ان أقول له وليس حضرتك.

أما الفكرة فهي أنه يستطيع أن يحول مخلفات الجلود عند صانعي الأحذية إلى جلود جديدة وذلك بفضل المادة الكيماوية التي عنده وليس من أحد..

وذهبت معه إلى د.عزيز صدقي. ووعده الوزير بأنه سوف يجد له حلا ويستدعيه في أسرع وقت..

ومضت الأيام والسنين حتى قرأت خبر وفاته منتحرا ـ مع الأسف الشديد!