الإرهاب في العصر الرقمي.. هل من علاج؟

TT

التكنولوجيا الرقمية الحديثة ـ وبخاصة في مجالي المعلومات والإتصالات ـ في تقدم مذهل ومتسارع يومياً، وقد يساء استخدامها في اعتداءات إجرامية أو إرهابية، تتطلب من المجتمع الدولي كله اقتراح واتخاذ كافة أساليب وإجراءات العلاج العاجلة والفعالة لمكافحة الإرهاب في العصر الرقمي.

فعلى سبيل المثال أجهزة ونظام تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية Global Positioning System المعروفة بـ (GPS)، والهواتف الجوالة المتصلة بالأقمار الصناعية، وبرامج الكمبيوتر للتعرف على الأصوات باللغات المختلفة، الى غير ذلك، ما هي إلا أساليب تكنولوجية حديثة في العصر الرقمي، تحمل مع غيرها آفاقا واعدة في الحاضر والمستقبل، ومع ذلك قد يساء استخدامها من قبل البعض في تحقيق أهداف واعتداءات إجرامية وإرهابية.

في مقال لـ «إميلي واكس Emily Wax» بعنوان «مرتكبو أحداث مومباي استخدموا تكنولوجيا متطورة»Mumbai Attackers Made Sophisticated Use of Technology في جريدة «واشنطن بوست» بتاريخ 3 ديسمبر 2008، جاء فيه: «حسبما أفاد المحققون الهنود والشرطة، استخدم المسلحون في اعتداءات مومباي في نوفمبر 2008، نظام تحديد المواقع العالمي المعروف بـ(GPS)، كما كانوا يحملون معهم هواتف بلاكبيري، واسطوانات عليها صور عالية النقاء عبر الأقمار الصناعية، والعديد من الهواتف الجوالة الأخرى، وكانوا يتحدثون عبر الهواتف التي تستخدم الأقمار الصناعية».

ومن مظاهر الإرهاب التي قد تشكل أيضاً خطورة في المستقبل، ما يسمى بـ «الإرهاب الصوتي» Vocal Terror، فاتجاهات العلم الحديثة تتجه الآن لتعليم أجهزة الكمبيوتر الأصوات البشرية وتطوير نظم تمكنها من التعرف على أنماط أصوات صادرة من الحنجرة لمحاكاة حركة الأحبال الصوتية، والتي ستمكن الكومبيوترات في المستقبل من الحديث بنفس صوت الإنسان وهو ما قد يؤدي لظهور ما يسمى بالإرهاب الصوتي، ففي دراسة للعالم البريطاني ديفيد هوارد David Howardمن جامعة يورك البريطانية University of York، قدمها الى «المهرجان العلمي لرابطة تقدم العلوم البريطانية» The British Association Festival of Science في سبتمبر 2007، قال فيها إن كومبيوترات المستقبل سيكون بإمكانها خلال 10 الى 15 عاماً محاكاة وتقليد الأصوات البشرية بعد استماعها لجملة صغيرة من بضع كلمات يتفوه بها الإنسان، فقد تتكلم بصوته، وعند ذلك يكون من الصعب تمييز كلامها عن كلام إرهابي مثلاً. ويورد العالم «هوارد» بعض الأمثلة لخطر «الإرهاب الصوتي» مثل استيلاء مجموعات إرهابية على شبكة الاتصالات ونقل خطاب مزيف من رئيس البلاد الى الجمهور، أو وصول مكالمة هاتفية من مدير البنك تطلب من العميل تأكيد اسمه ورقم حسابه المصرفي، ولكن الحقيقة أن الكومبيوتر هو الذي كان يحاكي صوت المدير، حيث تقوم مجموعة إجرامية بإدارة الكومبيوتر للاستيلاء على المبالغ المالية في حساب العميل.

خلاصة القول، لقد أصبحت هناك ضرورة عاجلة للمجتمع الدولي كله، ممثلاً في الأمم المتحدة، لاتخاذ كافة الأساليب العلاجية والإجراءات العاجلة الفعالة لمكافحة الجريمة والإرهاب في العصر الرقمي، وقد يكون من المفيد القول بضرورة تضمين صور وأساليب جرائم التكنولوجيا الرقمية الحديثة وعقوبتها في بنود الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وإطلاق قمر صناعي يساعد في مراقبة وصد الهجمات الإرهابية، مع ضرورة التعاون الفعال بين رجال القانون والأمن وخبراء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في اقتراح الأساليب الفعالة والعاجلة لمكافحة جرائم التكنولوجيا الحديثة، مع ضرورة تدريب الأفراد وإعدادهم لمكافحة الجريمة والإرهاب في العصر الرقمي.

* كاتبة وباحثة مصرية في الشؤون العلمية