حذار منهم

TT

في خضم الأحداث الدامية المتلاحقة على أرض غزة، ومع استمرار المجازر الوحشية من قبل الجيش الاسرائيلي وعتاده القاتل المدمر، وقيادته الموتورة المتوحشة، تظهر على الساحات المختلفة الاستعراضات الجانبية أو كما يطلق عليها باللغة الانجليزية الـ Side show. فالساحة الاعلامية «امتلأت» واكتظت بتجار القضية ومروجي البضاعة الصوتية المليئة بالشعارات والنغمات المستهلكة، ولكنها فرصة لاحتكار الاثير لفترة لإثارة الناس وجلدهم وتذكيرهم بعجزهم وضعفهم وتحويل حياتهم الى جحيم من الاكتئاب النفسي المدمر لا يصلحه كل المخزون العالمي من «البروزاك»! وهناك الساحة السياسية فها هي الاحزاب والمنظمات والهيئات والدول تزايد على الفلسطينيين أنفسهم بحق قضيتهم، ويدعون أنهم أدرى بالصالح والأنسب، وان وجهات نظرهم ستخدم القضية أفضل من غيرهم، وغير ذلك من الهراء الذي يملأ الضجيج السياسي بطريقة تسبب الصداع المزمن. وهناك الساحة الخيرية، فها هي المنظمات الخيرية تهب لنجدة المحتاجين في غزة وتطلق حملاتها الاعلانية، وتركب على هذه الموجة شركات تجارية مختلفة تقدم السلع والخدمات لتقدم «عروضها الخاصة» بمناسبة مأساة غزة الدموية، ولا أحد يعلم يقينا هل تصل الهبات والتبرعات حقيقة لمستحقيها، وكم في المائة منها يذهب نظير «مصاريف إدارية» غامضة وغير معروفة الاسباب. الكل يحاول نصب عروض جانبية للحصول على أكبر قدر من المتابعة والاهتمام واحداث بالتالي قد كبير من التأثير إذا أمكن على قاعدة جماهيرية مكسورة ومهمومة في زمن صعب. لاتزال القضية الفلسطينية القصة الاكثر جاذبية، والاكثر قدرة على التعاطف وذلك للحجم المهول من القتل والدمار الذي تحدثه القوات الاسرائيلية المجنونة والتي تتصرف بأسلوب المحرقة والابادة بحق الفلسطينيين مذكرة العالم بنفس الاسلوب النازي الذي مورس بحق اليهود في محارق أوروبا المعروفة. السقف الاخلاقي للعالم المتحضر انهار فوق رؤوسهم، والصمت الدولي المعيب بحق تصرفات اسرائيل النازية على أرض غزة لا يمكن تفسيرها سوى بالاشتراك في العمل الاجرامي الوقح، وان المنظومة العالمية العديلة ستظل ناقصة وغير «محترمة» طالما لم تبسط يدها بالعدالة في وجه اسرائيل وتصرفاتها الوحشية. القضية الفلسطينية قضية حق والحق لن يضيع، وككل قضية تلوثت بدخلاء وعملاء وتجار موت فيها فأفسدت الكثير من المعاني المهمة والنبيلة التي كانت تمثل ملامح الحق المنشود. واليوم ها هي الاستعراضات الجانبية لأرتال المنتفعين من «القضية الأم» تعود للظهور ولتذكرنا بما عانينا منه وتجبرنا على تفتيح أعيننا وآذاننا حذار الوقوع في شراك الخداع من جديد. انهم كثر فاحذروهم وإياكم والاستعراضات الجانبية.

[email protected]