هذه حالنا كل يوم!

TT

قام علماء النفس بتجارب كثيرة على سلوك الناس في الشوارع فعلقوا الزراير الملتصقة في ملابس عدد من الناس وطلبوا إليهم أن ينزلوا إلى الشارع، وعادوا ليجدوا أن الزراير هذه سقطت بسبب الاحتكاك بالآخرين بدون أن يشعروا بذلك، بل إن زراير لم يكن أحد يتصور أن تسقط، سقطت.

فمثلا، زراير فوق الكتفين أو أعلى الظهر، ولم يكن لذلك تفسير إلا أن هذه الشخص كان عندما يتضايق من الناس فإنه يهرش كتفيه وظهره، مع أنه لا مبرر لذلك، ولكنها حركة عصبية، وهو يريد أن يضرب الناس أو يدفعهم بعيدا عنه، ولكنه فعل ذلك بنفسه.

وعلماء الحيوانات يستخدمون نفس الأسلوب مع الطيور فيضعون لها خواتم من الفضة في أقدامها ليعرفوا أين ذهبت، وكذلك يضعون أجهزة لإرسال الإشارات في رؤوس الأسماك أو حيوانات الغابات ليتابعوا مسيرتها.

بعض علماء النفس اكتشفوا أنهم عندما علقوا ميكروفونا في صدور بعض الناس وجدوا أنهم يكلمون أنفسهم، وبصوت مرتفع، كأن يشتم الشخص نفسه ويسبها، وربما بألفاظ خارجة..

أي انه يستأهل هذه الشتيمة، وهذا الاحتقار من نفسه لنفسه..

بل وجدوا أيضا أن بعض الناس عندما يكون في حالة ضيق شديد يعيد حوارا بينه وبين الآخرين.. لينتهي بأنه هو الغلطان، وأنه هو الذي يستحق أقصى وأقسى العقاب، وأن ما حدث له كان طبيعيا.

ويرى علماء النفس أن هذا الحوار بين الإنسان ونفسه طبيعي. فالإنسان عندما يفكر فانه يفكر في «شيء» أو في «شخص».. أو انه عندما يقول: كنت أقول لنفسي، أو هذا ما قلته لنفسي كثيرا.. أي نتيجة أن يكون لذلك صوت مسموع، فالتفكير حوار غير مسموع والحوار تفكير مسموع..

ووجود الزحام حولنا ليس معناه أننا مع كل هؤلاء الناس..نشعر بهم ويشعرون بنا.. أبدا.. نحن معا.. ولا يدرى أحد بالآخر.. فقط يتفادى بعضنا البعض الآخر، فإذا اصطدمنا أو تخبطنا أو تضاغطنا، توجعنا، ويكون لهذا الوجع صدى مسموع، أو يكون له صدى في مكان آخر في المكتب.. في البيت.. واليوم وغدا!

وهذه هي حال كل واحد منا، كل يوم، ومدى الحياة!