دفاعا عن عادل إمام

TT

حتى تعرفوا كيف ان الحقيقة تجرح اسمعوا النقد الحاد الذي قوبل به تعليق الفنان عادل إمام لأنه انتقد المظاهرات، وشعارات «بالروح بالدم نفديك يا فلسطين».

لم يقل الرجل شيئا يستحق وابل الرصاص الكلامي الذي انهال عليه سوى انه نصح القيادات الفلسطينية بان تلتف حول شعبها لا حول غيرهم، وأن إضراب التجار المصريين وتعطيل السوق عمل يخدم اسرائيل ويضر المصريين. فهل يريد نجم الكوميديا ان يشارك في الحملة على حماس، كما يقول خصومه؟ الحقيقة ان شخصية شعبية، مثل عادل امام، لو أراد ايذاء حماس او غيرها من التيارات لعبر عن رأيه كوميديا، حيث ان الكوميديا السياسية توجع اكثر من ألف تصريح، وتكفي مسرحية واحدة لقلب الرأي العام ضدهم في داخل مصر والعالم العربي عموما. لكنه رجل مسؤول عبر عن نفسه في اطار حق الرأي العام وباحترام واضح للطرف الآخر، قالها مرة واحدة دون ان يكون طرفا في الحرب الدعائية.

سئل فاجاب بالحد الأدنى، كأي شخص آخر يملك رأيا في ما يحدث. وكل واحد منا مضطر هذه الأيام ان يشكل لنفسه رأيا بسبب التكثيف الهائل للحرب، حتى المحطات الغنائية تحولت من الطرب الى اناشيد وطنية، وبالتالي اصبحت الحرب في البيوت لا في قطاع غزة. في مثل هذا المناخ المشحون لا مفر ان يكون لعادل امام وغيره رأي مؤيد او مخالف.

ولأن مجتمعنا لم يعتد على من يخالفه الرأي، ويعتبر كل من أطلق رصاصة، وإن كانت فارغة، عملا مقدسا محصنا ضد النقد، هجمت الالسن على النجم الكوميدي تنهشه بالاتهامات المختلفة. فهي تخشى فنانا كبيرا مثله أكثر مما تقلق من تصريح أي شخصية سياسية رئيسية، السبب ان المستهدف عادة بالتأثير في الأزمات هو الرأي الشعبي، لا النخبوي، والعامة على الأرجح ستنصت الى عادل امام اكثر من خالد مشعل.

ورأي عادل إمام في الواقع هو رأي الكثير من الفلسطينيين بان الحرب غير المتكافئة تضرهم وتهمش قضيتهم. ويخشون ان تضطر حماس في النهاية، مرغمة بكل أسف، على توقيع هدنة مع اسرائيل، نفس الهدنة التي رفضتها، ونفس النهاية التي انتهت بها حرب 2006 بين اسرائيل وحزب الله. وكما حدث في لبنان، لن تشكل حماس لجنة لمراجعة ما حدث، ولا معرفة من المتسبب، ولن يقال أحد من المسؤولين، بل سيسمع العالم العربي اهازيج تحيي الصمود العظيم. لا أحد سيقول لماذا نوقع هدنة اليوم وكنا نرفضها بالأمس. وسينسى العالم الخمسمائة قتيل.

الكثير من الفلسطينيين، مثل عادل إمام، يفضلون، او يتمنون، أولا توحيد الصفوف، ودخول معركة التفاوض، والامتناع عن خدمة الايرانيين وغيرهم في المنطقة يفترض ان يحظى بالأولوية.

[email protected]