موجات الموت

TT

خلال الحرب العراقية ـ الإيرانية، التي كانت إحدى عبثيات صدام حسين الدموية، كان الجانب العراقي يتمتع بتفوق تقني في السلاح. ولذلك قرر الجانب الايراني اللجوء الى الاسلوب الذي لجأ اليه ماوتسي تونغ قبل أربعة عقود. فعندما شعر ماو بتفوق خصمه قرر ان ينتصر عليه بعدد... الضحايا. وراح يدفع في وجه العدو اعداداً هائلة من العزل الذين يسقطون سريعاً. وعندما يرى جنود العدو هذا العدد الهائل من الجثث يشعرون بالرعب وعقدة الذنب فيتراجعون.

طبعاً لم تفلح موجات الجثث الايرانية في صدّ المهاجم العراقي. ونأمل الآن ألا يكون في خطط حماس تقليد الاسلوب الايراني وطريقة الرفيق ماو بعد سبعة عقود على حرب جرت في غير زمن وغير ظروف وغير طبيعة.

لقد قتل الاسرائيليون في الاسبوع الاول من الاجتياح نحو 500 غزاوي. رمتهم طائرات الفانتوم وهم في بيوتهم ومكاتبهم. حذرتهم بترك تلك الاماكن لكنهم أصروا على البقاء في منازلهم فقصفتهم بكل دم وحشي بارد. ولم يثر مشهد القتلى والأشلاء أي مشاعر في نفوس الاسرائيليين. بل ان الدعوات في الداخل الى المزيد من العنف تتزايد، متجاهلة جميع الردود العالمية، وهي في أي حال ردود مألوفة لا تتجاوز التظاهر ورفع الكوفية الفلسطينية، في حين ان المسألة هي مسألة مليون ونصف مليون فلسطيني، محاصرين بالجوع والقصف والزحف.

السؤال هو الى أي مدى يجب تعريض غزة؟ والى متى؟ وما هي النتيجة السياسية أو العسكرية أو الانسانية أو البطولية التي سوف تجنى من استمرار المذبحة؟ اذا كانت القاعدة هي قول اسماعيل هنية «لن نستسلم ولو أبيدت غزة كلها» فذلك يذكر بقول الجنرال ميشال عون يوم كان رئيساً للوزراء «لقد دمرت بيروت ثماني مرات فلتدمر مرة تاسعة».

ثمة مسؤولية قيادية اخرى هي مسؤولية المحافظة على ارواح الناس وأرزاقهم وليس اعتبارهم جميعاً مشاريع شهداء حتى لو كانوا هم من يطلب الشهادة. النصر لا يكون بالموت بل بالحياة.