كلينتون.. والأصدقاء

TT

من غير المحتمل التفكير في أن أداء هيلاري كلينتون لمهامها كوزيرة للخارجية سوف يتأثر - بأي صورة من الصور - بالتبرعات الأجنبية التي تحصل عليها مؤسسة زوجها الخيرية، ولكن من السذاجة الاعتقاد أن قائمة المتبرعين، التي نشرتها أخيرا مؤسسة بيل كلينتون لن تثير الشكوك وتزكي نظريات المؤامرة في أجزاء من العالم يُنظر فيها إلى الشفافية على أنها مجرد وهم.

كان الرئيس المنتخب باراك أوباما يعلم أنه إذا اختار هيلاري كلينتون لتولي مسؤولية السياسة الخارجية في الولايات المتحدة، فإن الأنشطة التجارية والخيرية لبيل كلينتون سوف تمثل عامل تعقيد. وقد كان الرئيس السابق يرفض باستمرار ذكر أسماء المساهمين الذي يقدمون تبرعات إلى مؤسسته، قائلا إنه وعدهم بالتزام السرية، لكنه قام بنشر القائمة في إطار صفقة تمت مناقشتها تمهد الطريق لتولي زوجته منصب وزيرة الخارجية.

وقد جذب نشر القائمة على شبكة الانترنت الكثير من الاهتمام الذي يفوق ما تتحمله خوادم أجهزة الكومبيوتر في مؤسسة كلينتون. وفي الواقع، يمكن للمؤسسة شراء المزيد من الأجهزة القوية. فخلال العقد الماضي، قامت المؤسسة بجمع قرابة 500 مليون دولار لصالح المبادرات الخيرية التي قام بها كلينتون ولصالح مكتبته الرئاسية.

ومن بين 205,000 مساهم للمؤسسة، قدم 13 مساهما تبرعات تصل قيمتها إلى 10 ملايين دولار أو أكثر، ومن بينهم حكومات. ولكن بإجراء نظرة مبدئية للقائمة، التي تغطي قرابة 3,000 صفحة إليكترونية، نجد أنها تظهر عشرات الملايين في صورة تبرعات من أفراد أو منظمات غير حكومية، وتذكر القائمة بالتفصيل تبرعات تصل لما بين مليون دولار وخمسة ملايين من الدولارات من حكومات خليجية.

ولن تشعر هيلاري كلينتون لإسرائيل بأنها قد فوتت فرصة، وقد قدم المنتج التليفزيوني حيم شابان، المناصر لإسرائيل، والذي يعيش هناك منذ أشهر، تبرعات تتراوح بين خمسة وعشرة مليارات دولار، والبعض منها من خلال مؤسسته العائلية. كما تبرع القطب البارز دانيال أبراهام، الذي كان عضوا في مجلس إدارة لجنة الشؤون العامة الأميركية - الإسرائيلية، بما بين مليون دولار وخمسة ملايين، وتحتوي باقي القائمة على مؤيدين مشهورين للدولة اليهودية.

وستكون هناك نظرة أكثر تشاؤما لأي ميْل ملحوظ ناحية الهند في مواجهتها الشديدة ضد جارتها باكستان، وتورد القائمة العديد من التبرعات الكبرى من رجال أعمال بارزين في الهند وتبرعات من اتحاد الصناعة الهندي. ولا توجد تبرعات من باكستان. وأعلم أن هذا خيط رفيع يمكن استخدامه لتعليق أي تهم بالانحياز أو أي انحياز محتمل. ولكن، في ظل الشكوك المتبادلة بين الهند وباكستان، أخذت الجارتان مفهوم البارانويا إلى مستوى جديد، وأستطيع التأكيد على أنه بدأ يتشكل إحساس بالظلم في مكان ما في إسلام آباد. وتعكس القائمة الاهتمامات الخيرية للرئيس السابق وشهرته الكبيرة. فعلى ضوء جهوده من أجل محاربة الإيدز في أفريقيا، ليس من المفاجئ أن نجد مؤسسة إلتون جون لمكافحة الإيدز مدرجة في القائمة، وليس من المفاجئ أيضا أن نجد اسم الصندوق التذكاري للأميرة ديانا، وحيث أن كلا المؤسستين أعطيتا مؤسسة (كلينتون) ما بين مليون دولار وخمسة ملايين دولار، فإن ذلك يعطي معنا للحلقة التي يدور فيها بيل كلينتون.

من النظرة الأولى، لا يوجد شيء في قائمة متبرعي مؤسسة كلينتون يعيق الموافقة على هيلاري كلينتون. قد تجد هنا أو هناك رجل أعمال أوكرانيا لديه اهتمامات في كازاخستان، ولكن لا توجد مفاجآت. ويعد بيل كلينتون شخصية مهمة جدا لها كاريزميتها وقدرتها على الإقناع، وأعطاه الكثيرون قدرا كبيرا من المال للقيام بأعمال خيرية. وربما تكون أسبابه للمحافظة على سرية القائمة شخصية بالمقام الأول، وقد لاحظت أن إحدى الشخصيات البارزة كانت قد أعلنت أنها قدمت 10 ملايين دولار إلى المؤسسة، ولكن تظهر القائمة أنها تبرعت بما يتراوح بين مليون دولار وخمسة ملايين دولار فقط.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»