بلا أخلاق!

TT

إسرائيل دولة مارقة بامتياز، وهي مسألة لا ينكرها إلا عنصري أو جاهل. كل الأعراف والمواثيق والاتفاقيات والقرارات تنقضها بلا رحمة ولا هوادة، في حروبها الموتورة ضد العزل تقوم بتدمير كل ما هو أمامها لا تعبأ ولا يهمها سواء أكان ذلك دار عبادة أو ملجأ أيتام أو مدرسة أطفال أو بيوت ناس. إنها اسرائيل دولة قامت على انقاض محرقة اليهود، ويبدو أنها لن يهدأ لها بال حتى تقتل من العرب والفلسطينيين عددا أكبر من الـ6 ملايين يهودي الذين قضوا في محارق النازية بأوروبا. إنها عقدة العقد التي تحرك السياسة الاسرائيلية وآلتها العسكرية الموتورة.

اسرائيل التي اقامها الغرب تحقيقا للوعد التوراتي، أصبحت أكبر سقطة أخلاقية للغرب فيها وهي سقطة ستحتاج الى أجيال كاملة حتى يعترف فيها بحجم الخطيئة وهولها. الكل يشارك في هذه الخطيئة واستمرارها. الكل بدون استثناء. من حاكم البيت الأبيض وإدارته جماعة المحافظين الجدد وهم الجماعة المجنونة التي وضعت صالح إسرائيل وحماية مصالحها قبل المصلحة الأمريكية نفسها، وزجت ببلادها في حرب على العراق فقط لإرضاء إسرائيل. وصمت الفاتيكان هو الآخر معيب ومخجل فإشارة خجولة ومتواضعة عن «العنف» في غزة، عنف؟ كان الاجدر أن يكون كلام العظة البابوية أكثر وضوحا وصراحة، وأن يقام لغزة بل ولكل فلسطين «سينودس» مخصص أسوة بما حدث للبنان ولكنها المجاملة لليهود مهما اقترفوا من ذنوب تؤجج صراع الحضارات وتمنح المتطرفين ذريعة تأجيج المنطقة طالما استمر صمت العقلاء والحكماء. لو أخذنا وضع الاعتداءات الإسرائيلية وقارناه مع ما حدث في السابق من حكومة الصرب بحق الكروات والبوسنة، والكل يعرف أن المجتمع الدولي تدخل فورا لإيقاف السفاحين الصرب عند حدودهم، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة مع إسرائيل وجزاريها. ولو أخذنا اعتداء وغزو العراق على الكويت لرأينا الحراك الدولي ضد ذلك وإخراجه بالقوة وهو ما لم يحدث ضد إسرائيل. بل وحتى حين دخلت روسيا وآلتها العسكرية الكبرى على جورجيا الصغيرة معتدية صرخ الغرب مستنكرا ومحتجا ومنتقدا هذه «الهمجية» وكان ذلك أضعف الإيمان السياسي حتى ذلك لم يستطيعوا عمله مع الوحوش الإسرائيلية. المجتمع الدولي يقف عاريا بلا خجل وبلا أخلاق في موقفه المتخاذل أمام المذابح الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، كل مواطن في هذه الدول لا يشارك برسالة احتجاج لنائبه في البرلمان أو لصحيفته المحلية هو مشارك صامت في هذه الجريمة المدوية. هناك أصوات متنامية ومتزايدة في العالم العربي والإسلامي غاضبة ومهانة وموجوعة، لا تقبل أن تسمع ليلا ونهارا مطالب عن تعديل خطابها الديني والاجتماعي بينما يستمر مسلسل السقوط الأدبي والانهيار في الخطاب الأخلاقي للدول «المتحضرة» تجاه المأساة في غزة وفلسطين عموما. الغرب الذي كان دائما منارة علم وحرية وحقوق وعدالة يسقط في وحل النفاق والازدواجية السياسية في حال استمر دعمه الأعمى للنازية الجديدة التي تمارسها إسرائيل اليوم.

[email protected]