كارولين كينيدي..ليست سارة بالين

TT

هناك سؤال منطقي يخطر على الأذهان، لماذا يتم جديا معاملة كارولين كينيدي ضئيلة الخبرة، على أنها المعينة المرتقبة بمجلس الشيوخ الأميركي، فيما تلقى الحاكمة سارة بالين الأكثر أهلية نسبيا نقدا ومراجعة صارمتين؟

إن هذا الأمر يعد منطقيا، على الأقل، بالنسبة لمن يميلون إلى رؤية التفاح والبرتقال على أنهما نفس الشيء بصورة أساسية (أي لا يستطيعون تمييز الاختلافات).

وتفيد بعض الاختلافات الكامنة بين السيدتين، النقاشات ووجهات النظر المؤيدة لبالين، ومع ذلك، فإن وجهة النظر والافتراض اللذين تقوم عليهما تلك النقاشات، يشوبهما العيب. فعلى الرغم من أن كليهما امرأتان، إلا أن الفارق بالغ الأهمية هنا، هو اختلاف سلطة المنصبين اللذين يسعيان إليه.

وهناك قدر قليل من الجدل بأن سارة بالين تحظى بالخبرة السياسية الأفضل، على اعتبار أنها تشغل منصب حاكمة، وكانت في السابق تشغل منصب العمدة. وللتركيز أكثر على هذه النقطة، فقد تم انتخابها مرتين لهذين المنصبين، وحصلت على نسبة قبول قدرها 80% لدى ترشحها لمنصب الحاكمة.

ولا ينطبق هذا الأمر على كينيدي، التي لم تغير حتى اسمها بمجرد زواجها من إدوين تشولسبيرغ. لقد ورثت كينيدي السلوك والطابع السياسي، لأنها وُلدت وورثت اسم هذه العائلة السياسية العريقة. ورغم أنها عملت بجد، من دون أدنى شك لتصبح محامية، وجامعة للتبرعات بهدف الإصلاح التعليمي، ومؤلفة وأما (ولا شيء مما ذكر يعد بمثابة عمل ضئيل أو هيّن)، إلا أنها لم تضطر إلى التأكيد على شكل الهوية القومية من خلال نشأتها الأصلية فقط.

والصحيح هو أنها لم تستحق ذلك. إن الشعور بالاستحقاق المتضمن في التماس كينيدي للتعيين يسخر من تاريخنا القومي. إننا نبجل الصعود من الفقر إلى الغنى، أو من المغمور إلى المشهور، أما التحرك من الغنى إلى الغنى فيشعل ويحيي روحنا الثورية.

لقد دفعت بالين ثمن مرورها من دون امتياز، لكني، أنا وآخرين، عارضنا ظهورها ضمن قائمة الترشيح الجمهورية لأسباب مقنعة، وفي الوقت الحالي نجد أن بعض تلك المخاوف موجهة صوب كينيدي.

ويقول العقل، إنه ليس كافيا أن تريد الحصول على الجائزة، حيث يتعين على الفرد أن يكون مؤهلاً وجديرا بالمنصب بين زمرة من الأفراد الآخرين.

وفي حالة كينيدي، سيكون اللاعبون من أعضاء مجلس الشيوخ، وليس رؤساء دول أخرى، من المحتمل أن تكون متحاربة. وإذا ما تم تعيينها، ستكون أحد الأصوات ضمن 100 صوت آخر. ومن ناحية أخرى، ستظل محتفظة بمقعدها داخل المجلس حتى عام 2010، عندها سيتعين عليها خوض الانتخابات شأنها شأن أي شخص آخر.

لقد اتجهت بالين، التي يمكن لأي شخص زعم أنها اختيرت من دون تدقيق ملائم، نحو منصب ومهمة أكبر بكثير. فإذا ما تولت منصب نائب الرئيس الأميركي، كان من شأنها أن تكون على بعد خطوة صغيرة من الاضطلاع بمهام الرئيس، رغم أنها لن تكون «مسؤولة عن مجلس الشيوخ الأميركي»، كما أخبرت طفلا عندما سألها ما هي مهمة نائب الرئيس.

لقد امتزج ضعف المعرفة الأساسية الواضح لدى بالين، وعدم مبالاتها الفكرية، وعدم قدرتها على إيضاح أي أفكار ولو حتى بسيطة لخلق انطباع ساد لدى الجميع بأنها لا تلائم هذا المنصب.

وتشكك القليلون بأن بالين ستصمد في تلك الانتخابات، لقد اختارها الحزب الجمهوري، وهذا ما اتضح في جورجيا عندما حثت الجموع للمساعدة في إعادة انتخاب السيناتور ساكبي تشاملس. وجل ما كانت تملكه مقادير لا يمكن قياسها من القوة الشخصية، والحضور، والنشاط، وجميعها أشياء لا يمكن أن تقنع. أما الباقي، فيمكن أن تتعلمه نظريا.

وقد يكون لكينيدي، التي تحظى بقدر وافر نسبيا من المعرفة، على أساس تأليفها للعديد من الكتب، النفوذ السياسي للحصول على مقعد لنفسها داخل مجلس الشيوخ، ولكن، هل من الواضح أن لديها القوة البشرية المطلوبة والمتمثلة في الأفراد للاستمرار في هذا المنصب.

وفي الوقت الحالي، لن تكون السيناتور كارولين كينيدي زعيمة ذات قدرة خارقة للعالم الحر، بينما من المحتمل أن تكون نائبة الرئيس سارة بالين كذلك.

وبناء عليه، يتعين أن تكون معاملتهما مكافئة للاختلاف بين الاثنتين.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»