فلنكن «عقلانيين» مثل إيران!

TT

طالما أن هناك حملة إدانة للعقل الذي يقول إنه من الظلم أن نترك أهل غزة يذهبون ضحية آلة عسكرية وحشية، وقرارات سياسية خاطئة، فإننا نطالب اليوم، على الأقل، بممارسة «العقلانية الإيرانية»!

فطالما أن البعض يرى في العقل خنوعا، ويرى أن إيران هي الداعم للمقاومة والقضية الفلسطينية، فدعونا نمارس «العقلانية الإيرانية» التي تراعي مصالحها الصرفة. فها هو المرشد الأعلى الإيراني يمنع عبور أي انتحاري إيراني للقيام بأي عملية ضد إسرائيل، على الرغم من أن طهران أعلنت من قبل تشكيلا من ألف متطوع انتحاري للذهاب إلى غزة.

كلام خامنئي جاء في اليوم ذاته الذي قال فيه علي لاريجاني في بيروت إن المقترحات التي قدمتها مصر وأوروبا لإنهاء الصراع في غزة مثل «السم في العسل».

فعلى الرغم من أن إيران تطالب العرب والمسلمين بقطع البترول عن الغرب نصرة لأهل غزة، فإن ما لم يتنبه البعض إليه هو أن إيران تخزن كميات من نفطها في ناقلات مستأجرة في أعالي البحار خوفا من انقطاع النفط وعلى أمل تحسن الأسعار. وهذا ليس كل شيء، إذ أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أعلن مباركته للاتفاقية الأمنية العراقية ـ الأميركية، في وقت كانت فيه الآلة العسكرية الإسرائيلية تحصد الأبرياء في غزة.

ونحن هنا لا نتحدث عما تقوله حماس في الإعلام الغربي، أو أمام الوسطاء الأجانب، فنحن لم نقل مثل خالد مشعل الذي أبلغ الأديب الفرنسي اليهودي إن حماس فوجئت برد فعل إسرائيل العنيف وإن الهدف من إطلاق الصواريخ لم يكن إلا استفزازا بسيطا للإسرائيليين. وما نفعله هو فقط التذكير بمواقف إيران، التي سبق لأمين مجلسها القومي سعيد جليلي أن أكد أن حزب الله لن يقوم بفتح معركة مع إسرائيل، ونذكر بحزب الله الذي يقسم بأنه لم يطلق الصواريخ من جنوب لبنان، وعلى لسان قيادات الحزب. كما أنه سبق لحسن نصر الله أن هاجم من يقولون إن الحزب على علم بصواريخ الكاتيوشا التي وجدت في جنوب لبنان قبل أسابيع بحجة أنهم يعطون الذرائع لإسرائيل لمهاجمة الحزب!

ولأننا نعيش تحت وطأة الإرهاب الفكري فكل ما نذكر به من يشاطروننا الخوف على أهل غزة والقضية الفلسطينية، هو أننا نريد أن نمارس «العقلانية الإيرانية» فقط، لا أكثر، والتي تعني الحفاظ على مصالح إيران، وذلك لنحافظ على مصالحنا وقضيتنا.

وانتقينا «العقلانية الإيرانية»، رغم أن أمامنا عقلانيات كثيرة منها السورية في الجولان، وهذا يذكرنا بإشادة البعض بمواقف الأتراك اليوم، متناسين أن أنقرة وحتى الأسبوع الماضي، وأظنها ما تزال عرابة علاقة دمشق ـ تل أبيب.

ما سبق غيضٌ من فيض، وملخص القول إن المدفعية الكلامية الإيرانية لن تقدم أو تؤخر في الجرائم الإسرائيلية في غزة، بل هي موجهة ضد مصر والعرب ككل، حيث إن المدافع الكلامية الإيرانية دائما ما تطفئها التصريحات العقلانية للقيادات في طهران.

وإذا كان الإيرانيون يغررون بحماس وأهل غزة وفق مصالح طهران، فما مصلحتنا نحن لنغرر بأهل غزة، وننتظر وصول عدد القتلى والجرحى إلى الآلاف.

ولذا فعلى حماس أن تظهر حسا بالمسؤولية وتتعاون مع الجهد العربي لوضع حد للمجازر الإسرائيلية في غزة. كما أنه حان الوقت لأن نقول بصراحة رجاء لا تحولونا إلى قطع شطرنج يلعب بها من يشاء.

[email protected]