هل ينتهي التاريخ يا غبي؟

TT

أميل في طبعي إلى البساطة وأتعوذ من التكلف والتصنع في كل شيء. وأحذر عفوياً المنظرِّين، وأحيانا المفكرين. واكتشف أحيانا فيما بعد مدى الخسارة التي لحقت بي، فأحاول التعويض ما استطعت. وأنا مدين باعتذار ـ لنفسي ـ إلى ثلاثة من المفكرين العرب الذين تأخرت في التعرف إلى نتاجهم، برغم ما لهم من مكانة خاصة عند العامة. وهؤلاء هم محمد عابد الجابري ومحمد جابر الأنصاري ومطاع صفدي. وتعويضاً عن ذلك استعدت قراءة النتاج المنشور في كتب للمفكرين الثلاثة. وأعدت بصورة خاصة قراءة محمد جابر الأنصاري في محاولة لقراءة مراحل عربية معينة. وغالباً ما اكتشف أن موقفي ناتج عن قصور عندي لا عن تعقيد عند المفكرين. فبعض الفكر يستحيل التعبير عنه دون المغامرة بسلاسة العبارة.

أما الذين لم يتغير موقفي منهم فالذين طرحوا أنفسهم على العالم على أنهم عارفون بالحاضر وضاربون بالغيب. وهؤلاء يرتفع في كتاباتهم أو يتضاعف عدد أدوات الجزم. وهم يخاطبوننا بتعال لا يلبث أن يصير مضحكا عندما تثبت الأيام مدى الخرق الذي يحمله. ويخطر لي عدد غير قليل من المشارقة والمغاربة سواء. لكن على فظاعتهم لا يقارنون بمدى ما بلغه مفكرو الغرب ومنظروه ومحللوه، الذين تعود العالم إما على الأخذ بأقوالهم دون نقاش، وإما على مناقشتها بلغة اعتذارية دونية تحت باب قد يجوز وقد لا يجوز. فالحق في الحسم للمفكر الغربي وحده، خصوصاً إذا كان الإعلام قد منحه هالة لا تجادل.

عدت إلى قراءة «نهاية التاريخ»، النظرية التي طرحها فرانسيس فوكوياما أول مرة العام 1992 بعيد سقوط الشيوعية. ولست أعرف إن كان البروفسور فوكوياما يعود هو أيضاً إلى ما كتب أو قال من نظريات ناقشها العالم بحماس مذهل.

لا أعرف إن كان يعيد الآن قراءة قوله «لقد أبدنا الشيوعية وسحقنا العراق وأصبحنا القوة الأعظم. انظروا إلى الروس كيف جاءوا يحتمون بنا». ولا أدري إذا كان الجنرال كولن باول يعود إلى قوله: «نحن الآن اللاعب الرئيسي والقوة الأعظم. وكل ما علينا أن نفكر فيه هو مسؤوليتنا عن العالم بأسره وفي مصالحنا التي تشمل العالم برمته». شكرا.