رغم كل شيء انتصر العرب المعتدلون

TT

نجحت الدبلوماسية العربية المعتدلة في استصدار قرار أممي في نيويورك بوقف اطلاق النار، ووضع حد للعدوان الإسرائيلي على غزة.

نجح المعتدلون العرب، رغم العراقيل العربية والإقليمية، حيث اعتقد البعض أن الفرصة مناسبة للانقضاض على السعودية ومصر، ومعهما بعض الدول العربية المعتدلة الأخرى، مثل الإمارات والأردن.

الإيرانيون قالوا إن العرب لن ينجحوا في استصدار قرار أممي، وإن الذهاب إلى نيويورك ما هو إلا استجداء للغرب، ولذا بشر حسن نصر الله بفشل الجيوش النظامية في الصراع مع إسرائيل، وان النجاح هو حليف المقاومة الوطنية، أي إلغاء دولنا ومؤسساتنا، والبدء من الصفر.

الأتراك بدورهم اعتقدوا أن العرب المعتدلين سيفشلون، حيث أبلغني مسؤول مطلع على الدور التركي أن مقربين من دوائر صنع القرار في أنقرة كانوا يقولون قبل صدور القرار الأممي بساعات «لا تضيعوا وقتكم فلن يخرج العرب بشيء». ويضيف المصدر انه وبعد صدور القرار عاد الأتراك، وغيرهم، يرددون أن القرار غير ملزم، وإن حماس لم تستشر، وإسرائيل لن توافق عليه، فما الفائدة؟

هذه مماحكة صرفة، فالقرارات الأممية لا تصدر بمشاورة الدول فكيف التنظيمات، وبالتالي فإن مجلس الأمن لم يستشر إسرائيل حتى يستشير حماس، علما بأن أمين عام الأمم المتحدة أعلن عن زيارته للمنطقة هذا الأسبوع للوقوف على تطبيق القرار، وهذا أمر في شبه الحاصل قريبا.

لكن سبب تحفظ حماس الحقيقي انها لا تريد اعطاء الشرعية لأبو مازن، لأن القرار الأممي قائم على أساس اتفاق 2005، الذي ينص على ان السلطة الفلسطينية طرف في الاشراف على المعابر. وهذا التحفظ من حماس رغم المآسي والضحايا الفلسطينيين. لكن هنا، وللتاريخ، علينا أن لا ننسى الدور العربي، الذي حاول تمكين دول اقليمية من استثمار مأساة غزة. استخف هؤلاء العرب بالمتوجهين لنيويورك، بسبب عدم عقد القمة العربية، وان العالم لن يستجيب للعرب، طالما انهم لم ينسقوا مواقفهم مسبقا!

إلا أن المجتمع الدولي استجاب، بعد أن رأينا سعود الفيصل يقول لا تجبرونا على أن ندير لكم ظهورنا، ورأينا الفيصل يهدد بأنه في حال تم تأجيل الجلسة سيعقد مؤتمرا صحافيا يعلن فيه ان فرنسا هي التي تعطل صدور القرار.

وفي هذا الصدد يقول لي وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، «إن من لا يشكر ما فعله سعود في نيويورك فإما هو قاصر أو جاحد، سواء إدارة سعود الفيصل للمجموعة العربية أو تعامله مع أعضاء المجلس الداعمين أو غير الداعمين».

وهنا لا بد من التذكير بأننا رأينا المصري وهو صاحب مبادرة مطروحة حتى قبل الجهود في مجلس الأمن، يصوت للقرار الأممي ليظهر التنسيق السعودي ـ المصري واضحا، مع الإماراتي والأردني، خصوصا أن تلك الدول باتت تعي انها مستهدفة بسبب اعتدالها، وموقفها العربي الواضح.

ولا بد من القول للأمير سعود الفيصل، وللسيد أحمد أبو الغيط، إن هناك قرارا عربيا على المستوى الوزاري منذ فترة حول تسمية الأطراف المعطلة للعمل العربي المشترك. وعليه فلا بد من الشروع بتسمية الأطراف المعطلة، ليتحمل كل طرف مسؤوليته، ونضع حدا للمغامرات والمغامرين، والمزايدات والمزايدين.