توقعاتي للعام البادئ في الانفراط

TT

تكثر في البلاد اليائسة الخرافات والخزعبلات ويكثر فيها البصارون والمنجمون والضاربون في الغيب. وبقدر ما أعلم فإن لبنان يضم النسبة الأكبر في العالم من قراء البخت والبراجين. ولا أعني الدارسين منهم. وفي أي حال فهي سلوى وتقطيع وقت ولا حرج على أحد إلا تثبت توقعاته. وآخر ما قرأت لإحدى السيدات أن بركانا سوف يثور والأرجح أنه في إيطاليا. وأرجو أنها لا تقصد بركان «فيزوفيا» الذي شاهدت حممه بأم العين مثل مفرقعات صينية مثيرة. ففي كل عام يثور بركان ما في مكان ما. ومثل هذه التوقعات لا تقلق أحداً ولا توسوس أحداً إلا جيران البراكين.

لكن البراجين في لبنان تنافسوا هذا العام في بعث الرسائل عن «غيمة سوداء» فوق رأس فلان أو فلان من السياسيين. ولم «يتنبأ» أي براج أو براجة بسوء لأي سياسي يبعث الخوف في العظام أو في الأبراج. كما أجمعوا، دون استثناء، على توقع الجوائز الكبرى التي سيفوز بها حاكم البنك المركزي رياض سلامة على مهاراته وعظمته المصرفية. بالليرة وبالدولار.

و«تنبأ» أحد أشهر قراء الأبراج «برسالة محزنة إلى سعد الحريري». ولا أعرف هل يؤخذ سعد الحريري بمثل هذه الأشياء. لكنني لا أدري كيف يسمح إنسان لنفسه بأن يزرع الوسواس الخناس في نفس إنسان آخر، حتى لو كان واثقاً من ذلك كل الثقة. وبعثت البراجات برسائل مشابهة إلى عدد آخر من السياسيين والفنانين. وتوقعت إحداهن أن «تضرب جرثومة» كلية سيدة الغناء في لبنان. يا لها من دقة علمية لا مثيل لها. عين ترى حتى الجرثومة في الكلية. وثمة عيون أخرى ترى النجاح والفشل في الانتخابات المقبلة. لكن كل العيون تجمع على رؤية الجوائز التي قلنا إن حاكم البنك المركزي سوف يحصدها.

والبلد يتسلى. يعيش الأسابيع الأخيرة من السنة الفارطة والأسابيع الأولى من السنة التي بدأت في الانفراط، على الضرب في الودع وقراءة أقدار الأمم وحركة الكرة الأرضية. وتقول إحدى القارئات إنها تكهنت بوقوع «تسونامي» الشهير وكان «تسونامي» عند حسن ظنها وتوقعها واستقرائها لحركة أعماق المحيط الهندي. وهي تتوقع فوران بركان «ربما كان في إيطاليا». يا للدقة. يا للإلهام. ألا يمكن أن يكون في هونولولو مثلا؟ عودي بالله إلى خرائط المدارس الابتدائية.