حماس.. وأزمة تعدد القيادة

TT

ما الذي كان ينقص حماس؟ حسن نصر الله، أي قيادي واحد له الزعامة. وحماس لا ينقصها الرموز فهي تظهر بوجوه كثيرة. هناك خالد مشعل يدير الحركة بالهاتف، حيث يسكن في العاصمة السورية. وهناك اسامة حمدان اكثرهم بلاغة، لكنه ليس في أعلى السلم ويسكن ايضا خارج فلسطين، حاليا في لبنان. وهناك محمود الزهار، وموسى ابو مرزوق وآخرون. وبالطبع هناك اسماعيل هنية رمز الحركة الألمع في غزة، ويقاتل شخصيا وسط الحرب مع هذا فهو ليس القائد الأخير، بل احد القادة.

التعدد ميزة حماس وعيبها. تعددهم ربما حمى القيادة من الاستهداف الاسرائيلي، حيث بقيت الحركة برؤوس منذ اغتيال رأسها الشيخ أحمد ياسين. من جانب آخر، الحركة عرفت بالكثير من الاسماء التي تبز بقية الفصائل الفلسطينية بقدرتها الخطابية، وشخصياتها الكارزمية، لكنهم جميعا فشلوا في الاصطفاف الواضح وراء قائد واحد. هذا الفراغ سواء كان عن تخطيط أم لا، كان ظاهرا في الأزمة الحالية، حيث عجزت الحركة عن اختراع اسم يماثل زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي اضاف الى جماعته وزنا هائلا، وصار بشخصه قائدا مهما، حتى عند الذين يختلفون مع فكره ومواقفه وحزبه، بدليل انه اضطر الى التدخل شخصيا لنجدة قادة حماس في الحرب.

ولا نريد ان ندخل في وحل الخلافات الداخلية التي قسمت الحركة الى فريقين، واحد يعمل في دمشق ويقرر عن بعد، وآخر في غزة لا يملك سلطة كاملة على الكوادر. الحرب اظهرت حماس بوجوه مختلفة، ومواقف متناقضة أحيانا. الموقف من مصر كان واضحا انه يعبر عن قيادة حماس دمشق لا قيادة غزة، الذي تسبب في افقاد الكثير من التأييد الرسمي والشعبي المصري بسبب الهجوم غير المبرر عليهم. وسبق ذلك الجدل مع اطراف في فتح ايضا، الذي كان يعبر عن بعض قيادات حماس. والآن طرأ الهجوم على وزير الخارجية السعودي والامين العام للجامعة العربية، لأنهما قادا الحركة في مجلس الامن حتى صدر قرار دولي يأمر بوقف اطلاق النار. وبدل شكرهما والفريق العربي جاء الرد من دمشق يهاجمهم، لانهم وقفوا مع اهلهم في غزة مستنكرين ان احدا لم يكلفهم بذلك، من دون اعتبار لحياة اهالي غزة. ولا شك عندي على الاطلاق ان الهجوم على السعودية سيفقد حماس أي تأييد لها بعد ان تحمل السعوديون كثيرا العبث السياسي الصادر من بعض قياداتها ذات الارتباطات الخارجية، وتعمدوا تجنب الجدل معهم. وهذه المعارك الجانبية في وقت تحتاج حماس لدعم الجميع يبين حجم أزمة فراغ في موقع القائد الأول للحركة، الذي يمكن اعتباره مسؤولا اخيرا. فمن الغريب جدا ان حماس بقياداتها تطالب بوقف جرائم آلة القتل الاسرائيلية وابادة الشعب الفلسطيني في غزة، وتستنكر تباطؤ مجلس الامن، وعندما يقوم فريق عربي ومعه عدد كبير من وزراء عرب بالعمل لايام في نيويورك لاستصدار امر بوقف اطلاق النار، يتنطع بعض مسؤولي حماس لمهاجمة الذين عملوا من اجله. تناقض واستهانة بارواح الناس ولعب سياسي لارضاء محاور قسمت الفلسطينيين، بل وقسمت حماس نفسها.

[email protected]