16 طبيبا وحفنة من الفنانين

TT

لخمسة أيام رابط 16 طبيبا في بلدة رفح المصرية مصممين على العبور الى غزة، ورغم التلكوء والتحذيرات، وتزايد القتل العشوائي في القطاع، ورغم انباء عن قتل مسعفين، واستهداف سيارات الاغاثة الآتية برا من رفح الى المدينة المحاصرة، رغم هذا كله أصر هؤلاء الاطباء على الوقوف على الحدود، وأخيرا تمكنوا من السفر الى ميدان الكارثة لانقاذ أرواح الناس.

هؤلاء لا يمكن إلا ان نقف تحية لهم، لأنهم من القلة التي لا تبحث من وراء عملها عن دعاية، او تحقيق اهداف سياسية. يخاطرون بأغلى ما يملكونه، بارواحهم، في سبيل انقاذ الآخرين الذين تخلى عنهم العالم الا من الكلام التأييدي الرخيص.

في نفس اليوم الذي استعد فيه الاطباء لدخول غزة، قام بضعة من الفنانين بزيارة الهرم، للتعبير عن سخطهم على ما يحدث أيضا في غزة. مظاهرة استعراضية وشخصية جدا. وعدا عن التعاطف الاستعراضي امام الكاميرات، سيندر أن تجد بين هؤلاء من دفع دولارا من معاشه السخي لاغاثة المحاصرين في القطاع. وليس الفنانون وحدهم في ساحة الدعم الرخيص، بل قطاعات عديدة تعتقد ان المظاهرات والحفلات والكتابات والتصريحات توازي ما يواجهه المواطن الغزي. أكثر هؤلاء يحيون المقاومة في غزة ويتعاطفون مع ضحايا الهمجية الاسرائيلية، لكنهم عمليا لا يقدمون شيئا.

اذا اردتم ان تعرفوا الجد من شبه الهزل طالعوا الفعل لا القول، فالذين بحت اصواتهم من الصراخ دفاعا عن غزة مشكورون لكن ثم ماذا؟ لنحاسب كل انسان على دعوته. فالذين يطالبون بدعم غزة بالسلاح هم انفسهم لا يرسلون السلاح، والذين يهتفون داعين لطرد الدبلوماسيين الاسرائيليين يصمتون عن اسرائيلييهم، والذين يدعون لفتح المعابر يبقون معابرهم وحدودهم مغلقة، والذين يرمون اخوانهم العرب بالجبن لا نرى احدا من ابنائهم يقاتل في ارض المعركة.

انت لا تستطيع إلا ان تصمت احتراما للاطباء الذين جلسوا اياما امام بوابة معبر رفح يلحون على المسؤولين بالدخول الى القطاع المحترق. فغزة تنزف بمعناها الحقيقي وفي أمس الحاجة الى المسعفين، لا الى رحلة الى الهرم للتظاهر الاستعراضي، وتحتاج الى الناس الصادقين لا تجار الحروب والشعارات من سياسيين وحزبيين واعلاميين. لا تستطيع سوى ان تحترم الذين يتبرعون براتب شهر على حساب قوت اطفالهم لاغاثة اطفال غزة، أما الفئة الجالسة في غرفها المكيفة تتفرج عليهم عبر شاشات التلفزيون، فانها آخر من يحق ان تدعو أهل غزة للصمود.

[email protected]