بشهادة كلب

TT

نشرت هذه الصحيفة قبل أيام نبأ قيام المحاكم الألمانية بالأخذ بشهادة كلب. كانت السيدة مرغريتا أوربان قد استأجرت شقتها، مع بند يسمح لها بالاحتفاظ بكلبها «كلايد»، إلا أنها بتقدمها في السن، أخذت تعهداً بترويضه إلى ابنها الذي استأجر شقة أخرى في المبنى. اعترض صاحب البناية، وطالب المستأجر بإخلاء الشقة على أساس أن الكلب يعود له، وليس في عقد الإيجار ما يسمح له بإيواء كلب. ردت السيدة أوربان على ذلك بقولها، إن الكلب يعود لها وليس لابنها.

وصلت القضية للمحاكم، وطرح السؤال: لمن يعود الكلب حقاً؟ هذه نقطة لا أحد يستطيع البت فيها غير الكلب نفسه. ففي أوروبا، يحترمون رأي الكلاب. لما يقرب من قرن كامل، لم يعبأوا بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ولكنهم لا يتنازلون عن حق الكلاب والقطط في تقرير مصيرها. أمرت القاضية بإحضار الكلب كلايد لسماع رأيه. جيء به إلى قاعة المحكمة، وما أن دخل ورأى سيدته حتى هرع إليها، وراح يهش بها، ويلحس رجلها، ويقبلها من فمها. وعندما جاء مأمور المحكمة لفصله عنها، راح ينبح احتجاجاً ويعضه من يده.

«القضية واضحة. هذا الكلب يعود للسيدة أوربان، وله مطلق الحرية بارتياد البناية».

قالت القاضية الفاضلة، وسجلت بذلك سابقة قضائية تعطي المحاكم الألمانية حق الأخذ بشهادة الكلاب. وهو ما لم يأخذ به القضاء العربي عندما طرحت عليه فكرة الأخذ بشهادة الحمير. حدث في عهد الدولة العباسية، أن حكمت المحاكم بنفي رجل ماجن سكير، وإخراجه من المدينة ليعيش في منطقة جبلية إلى جوارها، بيد أن أصحابه الماجنين لم يستطيعوا الصبر على فراقه وفقدان مجالسه ولياليه. راحوا يكترون حمير الأجرة من وسط المدينة وينتقلون على ظهورها إلى بيته في الجبل. يسهرون ويعربدون هناك، ثم يركبونها عائدين لبيوتهم. تضايق القوم منهم، فشكوه ثانية إلى القاضي. فاقتادته الشرطة إلى مجلس القضاء. و بالطبع، وكما نتوقع من أي ماجن فاسق أنكر أي علاقة له بالموضوع. قال المدعي تستطيع يا حضرة القاضي التأكد من الأمر، بأن نأتي بتلك الحمير ونطلقها في اتجاه الجبل، ونرى أين ستذهب. إذا اتجهت نحو بيته مباشرة فهو الدليل على اعتيادها ذلك الدرب إلى بيته.

وهنا تدخل المتهم وقال: يا حضرة القاضي، أتريد أهل العراق يسمعون بذلك، فيقولون إن القضاة في الحجاز يأخذون بشهادة الحمير؟

طبعا لا. لم يأخذ القاضي بهذا الاقتراح وردت الشكوى وأطلق سراح الرجل، ليواصل حياته الماجنة مع أصحابه. وهكذا لم يأخذ قضاتنا بشهادة الحمير.

www.kishtainiat.blogspot.com