كن صالحا يا باراك

TT

لقد تغير الزمن. ففي عام 1996، أعلن الرئيس بيل كلينتون، تحت حصار من اليمين، أن «عصر الحكومة الكبيرة انتهى». ولكن صرح الرئيس المنتخب باراك أوباما، راكبا موجة تغيير ما خلفه اتجاه المحافظين، أنه يريد «أن يجعل الحكومة مقبولة من جديد».

ولكن قبل أن يتمكن أوباما من أن يجعل الحكومة مقبولة، يجب أن يجعلها صالحة. في الحقيقة، يجب أن يكون مصلحا، من المعارضين للفساد والوساطة. كان فرانكلين روزفلت مصلحا فوق العادة. وقد جعل الحكومة أكبر بكثير وأنظف بكثير. ويحتاج أوباما إلى أن يفعل الشيء نفسه.

وبدون الحاجة إلى قول ذلك، تقدم إدارة بوش نموذجا مثيرا للحكومة غير الصالحة. ولكن لا داعي لأن يقلق مساعدو بوش بشأن الحكومة الصالحة والنزيهة. وحتى عندما فشلوا في القيام بمهامهم (كما كانوا يفعلون في الغالب)، كانوا يستطيعون أن يتخذوا الفشل مبررا لفكرهم المضاد للحكومة، وتأكيدا على أن القطاع العام لا يمكنه أن يفعل الصواب.

على الجانب المقابل، تجد إدارة أوباما ذاتها في موقف مشابه إلى حد كبير ذلك الذي واجه الاتفاق الجديد في الثلاثينات.

كيف خطط فرانكلين روزفلت لجعل الحكومة الموسعة نزيهة للغاية؟

يكمن جزء كبير من الإجابة، في وجود الرقابة على برامج الاتفاق الجديد منذ البداية. وكانت إدارة تقدم العمل، على وجه التحديد، بها قسم قوي مستقل «لتحقيقات التقدم» مخصص للتحقيق في شكاوى الفساد. وكان هذا القسم يعمل بإتقان لدرجة أنه في عام 1940، عندما بحثت لجنة فرعية في الكونغرس في شؤون إدارة تقدم العمل، لم تجد أية أخطاء خطيرة غفل عنها القسم.

وتأكد روزفلت أيضا من أن الكونغرس لا يقحم تشريعا محفزا بتخصيص أموال حكومية: فلم تكن هناك مخصصات في التشريع تقدم تمويلا لإدارة تقدم العمل وإجراءات طارئة أخرى.

وأخيرا وليس آخرا، أقام روزفلت صلة عاطفية بطبقة العمال الأميركيين، ما ساعد على تحمل إدارته للانتكاسات والإخفاقات الحتمية التي واجهت محاولاتها لإصلاح الاقتصاد.

إذا، ما هي الدروس المستفادة لفريق أوباما؟

أولا، يجب أن تكون إدارة خطة الإنقاذ الاقتصادي نزيهة بما يشبه المعجزة. وربما تشير الاعتبارات الاقتصادية البحتة إلى بعض التسهيلات من أجل الإسراع من خطة التحفيز، ولكن الوضع السياسي يفرض التزام قدر كبير من الحذر في كيفية إنفاق المال. كما أن فرض الرقابة أمر مهم، ويجب أن يتمتع المفتشون العموميون بالقوة والاستقلال، وأن يكافأ المخبرون، بدلا من معاقبتهم كما كان يحدث في عهد بوش.

ثانيا، يجب أن تكون الخطة حقيقية، وخالية من الامتيازات. وقد وعد نائب الرئيس المنتخب جوزيف بايدن أخيرا بأن الخطة «لن تكون شجرة كريسماس»، وتحتاج الإدارة الجديدة إلى الوفاء بهذا الوعد.

وأخيرا، تحتاج إدارة أوباما والديمقراطيون عامة أن يفعلوا كل ما في وسعهم لإقامة صلة مثل تلك التي أقامها روزفلت مع الشعب.

ولا يجب الاهتمام بشعبية أوباما الكبيرة الحالية في استطلاعات الرأي والتي تعتمد على آمال الشعب في نجاحه. ويحتاج أوباما إلى قاعدة صلبة من التأييد تبقى مستمرة حتى عندما لا تسير الأمور على ما يرام.

وبالتأكيد لست الوحيد الذي فوجئ بتقارير عن المنزل الساحلي الفخم الذي أجرته عائلة أوباما، ليس لأن هناك خطأ في أن تحظى الأسرة الأولى بإجازة لطيفة، ولكن لأن الرموز مهمة، وهذه ليست الصور التي يجب أن نراها عندما يشعر ملايين الأميركيين بالذعر حيال شؤونهم المالية.

حسنا، الوقت باكر جدا. ولكن هذه النقطة تحديدا مهمة. وسيستغرق إصلاح الوضع الاقتصادي وقتا، ويحتاج فريق أوباما إلى التفكير حاليا، حيث تتزايد الآمال، في كيفية جمع رأس مال سياسي والحفاظ عليه من أجل إنجاز مهمتهم.

*خدمة «نيويورك تايمز»