حماس غزة.. وحماس دمشق

TT

على الرغم من أن خالد مشعل يقول من دمشق لا للهدنة الدائمة، ولا للتفاوض، ورفض الاتفاق المقترح للمعابر وفق صيغة اتفاق 2005، خوفا على سلاح الحركة لا أهل غزة، فإن حديث إسماعيل هنية من غزة أول من أمس جاء مختلفا.

هنية ناقض تصريحات مشعل، رغم أنه تحدث عن أن مشهد الانتصار يغلب على مشاهد الدمار، وذلك عندما قال في خطابه «سنتعامل بإيجابية مع أي مبادرة من شأنها إنهاء العدوان والانسحاب ورفع الحصار وفتح المعابر».

وكان لافتا أن مشعل، القابع في دمشق ولا يسمع حتى أزيز الطائرات الإسرائيلية، كان قد دعا إلى انتفاضة بالشارع العربي، بينما رفض هنية الغمز من سهم العرب، كما أن حديثه كان مختلفا عما قاله أول أيام العدوان عن صمود حماس حتى لو أبادت إسرائيل غزة ومن فيها.

الهم الأكبر اليوم هو إنقاذ غزة من براثن العدوان الإسرائيلي الوحشي الذي قارب عدد ضحاياه من القتلى قرابة الألف، لكن يبدو أن هذا الأمر ليس هاجس قيادات حماس دمشق على الإطلاق، حيث بات واضحا أن عدد القتلى في غزة ومعاناة سكان القطاع هما السلاح الأمضى لحماس دمشق.

صباح أمس بثت قناة «العربية» لقاء مباشرا مع شاهد عيان من غزة كان يتحدث بينما صوت الهجمات لا يغيب، حيث قال ما هو أبلغ من حديث قادة حماس. فقد قال الرجل «نريد وقف العدوان الآن.. ونريد الهدنة.. ونريد الوحدة.. ونريد أن نعيش. نحن أناس مسالمون يا أخي»!

وهنا يجدر التذكير بأول أيام العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 عندما قال حسن نصر الله إن على من يحب لبنان إيقاف هذا العدوان، حيث تنبه نصر الله إلى أن مجرد وقوع العدوان قد منحه الشرعية العربية، بينما إطالة المواجهة ستفقده الداخل اللبناني.

إلا أن قادة حركة حماس، وتحديدا في دمشق، لا يستوعبون هذا الأمر، ويبدون أبعد ما يكونون عن فهم السياسة، وقبلها ضرورة حماية أبناء شعبهم، وعلى منْ تركنُ الحركة في حماية أهل غزة؟

مشعل المقيم في دمشق يعلم أنه عندما احتجت سورية رسميا وبشدة على توزيع نبيذ الجولان على موظفي الأمم المتحدة كهدية رأس السنة من قبل إسرائيل فقد توجهت للأمم المتحدة، بينما تريد دمشق خوض معركة غزة مع الدول العربية!

ولم تقدم إيران إلا ما يفرق الفلسطينيين، بينما اكتفى حزب الله بالمدفعية الكلامية. وها هو الشيخ حمد بن جاسم يقول: نغلق المكتب الإسرائيلي التجاري في الدوحة عندما يكون هناك موقف عربي موحد، والسؤال هو: وهل استشير العرب يوم تم افتتاح المكتب؟

بل إن الشيخ حمد تساءل: «لماذا نضحي ولا يضحي الغير». ويا سبحان الله، هل بات إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي تضحية أمام دماء أهل غزة ومعاناتهم الصارخة؟

وطالما أن الجميع متفقون على وحشية إسرائيل، فلا بد أن نتنبه لخطورة مواقف بعض الأطراف الإقليمية وبعض من يحالفهم من عرب المدفعية الكلامية، وعليه يكون السؤال المستحق هو: هل تستشعر حماس دمشق، تحديدا، مسؤوليتها تجاه معاناة أهل غزة؟

[email protected]