الدبلوماسية العامة عبر شبكة «تويتر»

TT

في الوقت الذي كنت أستعد فيه لرحلة خارج البلاد الشهر الحالي، قمت بالأشياء التي يقوم به الدبلوماسي في المعتاد، فأجريت اتصالات اللحظة الأخيرة، وجهزت الملاحظات التي دونت خلال الاجتماعات، وجمعت وثائق السفر والأدوات التي أستخدمها في كتابة الملاحظات. وبعد ذلك، قمت بشيء يعكس إلى أي مدى تغيّر عالم الدبلوماسية العامة ليتكيف مع العصر الرقمي، حيث أرسلت تحديثا عبر موقع «تويتر»، وهو عبارة عن شبكة اجتماعية يمكنك من خلاله كتابة رد قصير (مكون من 140 حرفا أو أقل) على سؤال: ماذا تفعل في الوقت الحالي؟

لماذا قمت بذلك؟

منذ فترة ليست بالبعيدة كان تواصل الدبلوماسي مع دبلوماسي آخر يكفي. كان يتم التوصل إلى الاتفاقيات وراء الأبواب المغلقة ويعلن عنها بطريقة ودرجة تتناسب مع برامج ورغبات الحكومات ذات الصلة، وليس المواطنين عامة. وفي الواقع، يأتي المواطنون في نهاية الأمر. بيد أنه، مع نمو الديمقراطية وظهور بيئة إعلامية تعمل على مدار الساعة انتهت هذه الأيام. ففي الوقت الحالي، يجب أن تتواصل الحكومات مع مواطنيها ومع الجمهور الأجنبي على السواء، ويحدث ذلك من خلال الدبلوماسية العامة.

وباختصار، فإن الدبلوماسية العامة هي فن توصيل سياسية دولة ما وقيمها وثقافتها. وإذا أراد الدبلوماسيون أن يندمجوا بصورة فعالة مع المواطنين، عليهم أولا أن ينصتوا، وبعد ذلك يتصلوا ويتواصلوا. وفي الجزء الذي أعرفه وأغطيه من العالم، أوروبا وأوراسيا، يعلم معظم الناس ما يحدث حولهم عن طريق التلفزيون، وتستخدم الأجيال الأصغر الرسائل القصيرة والانترنت، ولذا، يجب أن نكون معهم أيضا.

ويأتي ذلك ضمن الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تبني «محورا إعلاميا» في بروكسل، حتى يمكن أن نكون على اتصال بـ1200 صحافي يغطون الاتحاد الأوروبي ويقدمون المحتوى التلفزيوني الذي تستخدمه الدول حسب احتياجاتها الإعلامية.

وهذا أيضا هو السبب في تقديم وزارة الخارجية الشبكة الاجتماعية «الدبلوماسية العامة 2.0»، والمواقع الإلكترونية المعززة، والمدونات وصفحات على موقع «فيس بوك» للسفارات، وهو السبب الذي جعلنا ندشن «الدبلوماسية الخضراء»، للاتصال بالمواطنين، خاصة الشباب، الذين يهتمون بالبيئة. وفي أوروبا والولايات المتحدة، نجد أن السياسة شأن داخلي، ونحتاج إلى الإنصات والمشاركة في كل المحادثات.

بباسطة، لقد أصبح موقع «تويتر» وسيلة إضافية يمكننا من خلالها التواصل، وبربط رسائلي بملفات فيديو وصور، يمكنني أن أخبر الجمهور الجديد عن وجهات نظر الولايات المتحدة وأفكارها بطريقة يشعرون معها بالراحة. يمزج موقع «تويتر» الأمور الشخصية بالقضايا المهنية، ولإرسال رسالة عبره عليك تأكيد أن هناك شخصا فعليا يقوم بذلك. ويمكن جذب الانتباه بكتابة الشأن الشخصي (مثل إشارتي إلى نزولي إلى البحيرة الزرقاء في آيسلندا) وسيقرأ الجمهور الباقي (كالحوار الذي أجريته مع «برو تي.في» مولدافيا).

وخلال الرحلات التي قمت بها إلى رومانيا ومولدافيا وآيسلندا وكرواتيا وأرمينيا، كتبت رسائل على موقع تويتر. كان من الأسباب التي دفعتني إلى القيام بذلك هو إطلاع الأميركيين على الدبلوماسية العامة. أشعر بالغضب من تكرار عبارة أن كل شخص يكره أميركا وأن سفاراتنا لا تمارس الدبلوماسية العامة بنفس القدر التي كانت تقوم به إبان الحرب الباردة. والواقع أنه في الخارج، هناك قدر كبير من الحب والإعجاب بالولايات المتحدة، ولدى سفاراتنا برامج مبتكرة ورائعة. ولكن يجب علينا توصيل ذلك، ففي المعتاد لا تغطي الصحف الأحداث ذات الصلة بسفاراتنا، مثل «المبعوثين الثقافيين» من كولورادو قدما فرقة ستيفين صندهيم الموسيقية في مدينة فلاديفوستوك، بروسيا، أمام جمهور متحمس، أو أستاذ الصحافة في جامعة تينيسي الذي يعمل تحت إشرافنا على مساعدة نمو الصحافة المهنية في كرواتيا.

السبب الآخر لذكر رحلتي على موقع تويتر هو التواصل عبر هذا الوسيط غير الرسمي والمفعم بالحياة، الأمر الذي يجعل من زيارتي أمرا شخصيا ويعزز من أثري كمسؤول أميركي. عندما اجتمعت مع طلاب في جامعة بوخارست، وبعد ذلك اجتمعت مع مدونين في مولدوفيا، كنا بالفعل على اتصال قبل أن أصل إلى هذه الأماكن. قال أحد الطلاب الرومانيين الشباب: «نشعر وكأننا نعرفك بالفعل، فأنت لست مسؤولة حكومية تبعث في النفس شعورا بالرهبة، نشعر بالراحة ونحن نتحدث معك».

أليس هذا هو الأثر الذي تسعى إليه الدبلوماسية العامة؟

من الدروس الواضحة التي ظهرت من فترة الحرب الباردة هو أن كسب القلوب والعقول يتطلب الاتصال بطريقة ذات صلة بالمواطنين على النمط الذي يناسبهم، سواء عن طريق فيلم أو موسيقى الجاز أو ملابس الجينز. ولجعل دبلوماسيتنا العامة عصرية، يجب أن نتصل بالناس على النمط الذي يناسبهم حاليا، سواء من خلال استخدام المدونات أو الرسائل النصية أو التحديثات باستخدام موقع «تويتر».

* نائبة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للدبلوماسية العامة

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»