لـوحـة بنى إسرائيل

TT

سافرت مومياء الملك «رمسيس الثاني» إلى فرنسا في أكتوبر من عام 1976م، بدعوى فحص ومعالجة المومياء والحفاظ عليها؛ لكن الحقيقة أنه كان هناك سبب آخر غير معلن لسفر الملك، وهو محاولة اليهود فحص المومياء، والإعلان عن أن الملك «رمسيس الثاني» هو فرعون الخروج، وخاصة أن كل من فسر التوراة وناقش موضوع فرعون الخروج، ذهب إلى أنه «رمسيس الثاني».. ولا عجب، فهو أشهر ملوك الفراعنة على الإطلاق، وأكثرهم إعمارا وبناءً، وأطولهم عمرا وحكما لمصر في عصرها الذهبي.. عصر الدولة الحديثة.

ويبدو أن علماء فرنسا حاولوا، بكل الطرق العلمية، إثبات أن مومياء الملك «رمسيس الثاني» تشير إلى أن الملك مات غرقا، ليصبح من المؤكد أنه فرعون موسى. وعندما فشلوا في هذا؛ قام أحدهم بأخذ خصلة شعر من رأس الملك، ووضعها داخل خزانة في منزله، وبعد موته قام ابنه بعرض خصلة الشعر للبيع على الإنترنت. وفور علمنا بالخبر؛ قمنا بإرسال مراسلات رسمية إلى الخارجية الفرنسية؛ واستطعنا أن نعيد خصلة الشعر إلى المتحف المصري مرة أخرى؛ ووضعها بجوار مومياء الملك. ولا أعرف، حتى الآن، كيف استطاع هذا الفرنسي أن يقوم بفعلته الحمقاء هذه، في ظل وجود ما سمي بالعلماء المصريين، الذين كانوا يرافقون المومياء، والمفترض أنهم مسؤولون مسئولية مباشرة عن حمايتها؛ ورغم ذلك.. تركوا الفرنسيين يعبثون بمومياء الملك.

وكما ناقشت من قبل موضوع «فرعون موسى»، فإن هناك أكثر من ملك رشحه العلماء ليكون هو فرعون موسى، بل ذهب بعضهم إلى أن الفرعون الذي تربى في قصره موسى ليس هو الفرعون الذي طارد بني إسرائيل؛ وأخرجهم من مصر. ومن الملوك المرشحين: الملك «تحتمس الثالث»، أو ابنه «أمنحتب الثاني»، كذلك ذهب البعض إلى أنها الملكة «حتشبسوت»، إضافة إلى «رمسيس الثاني»، أو ابنه وخليفته على العرش الملك «مرنبتاح». وهناك فريق آخر اعتقد أن الخروج حدث في عهد الهكسوس.

وبالمتحف المصري لوحة من الجرانيت الأسود، تعرف بـ «لوحة إسرائيل»، نظرا لما تصوره البعض من ورود اسم (إسرائيل) على اللوحة، والنص المنقوش على اللوحة هو للملك «مرنبتاح» ابن «رمسيس الثاني»، وجاء ضمن النص أسماء القبائل والإمارات التي قضى عليها الملك؛ وأخضعها لحكم مصر، ومنها الفقرة التالية: «وأقفر يزريل، ولم يعد له بذور». وقد ترجم البعض (يزريل) بـ (إسرائيل)، ويؤكدون ذلك بورود التسمية ضمن أسماء القبائل والإمارات الأخرى التي أخضعها الملك، مثل «خاتى»، و«كنعان»، و«عسقلون»، و«ينعم»، و«خارو»، وكلها تشير إلى منطقة سوريا وفلسطين. وهناك، في رأيي، احتمال كبير أن «يزريل» التي ذكرت على لوحة «مرنبتاح» لا تعني «إسرائيل»، وحتى لو فرضنا أنها إشارة إلى بني إسرائيل، ستكون هي المرة الأولى التي تذكر فيها إسرائيل في المصادر المصرية القديمة، وذكرها لا يكون دليلا، على الإطلاق، على أن الملك «مرنبتاح» الذي حكم مصر حوالي 1224 ق.م، حتى 1212 ق.م هو فرعون الخروج. فمثل هذه النصوص أصبحت شائعة في عصر الدولة الحديثة.. عصر التوسع والإمبراطورية المصرية التي أخضعت الشرق الأدنى القديم لسلطانها؛ فأصبح الملوك يتفاخرون، على أثرها، بإخضاع كل الشعوب التي يعرفونها بالاسم، وتصويرها تحت سلطانهم، وذلك على جدران المعابد واللوحات التذكارية. وقد حاول العلماء أن يحفروا في شرق الدلتا، بحثا عن أي أدلة لعملية الخروج. وللأسف الشديد لم يتوصلوا إلى شيء، على الرغم من معرفتنا أن مدينة «رمسيس الثاني» التي تسمى «بر- رعمسو» كانت موجودة في منطقة قنتير بشرق الدلتا.

www.guardians.net/hawass