مسرحية الدوحة

TT

مع كل أزمة تعصف بنا عربيا لا نقول إننا تعلمنا الدرس، بل نقول لقد وصلنا القاع، ثم نكتشف أن هناك ما هو أسوأ، وبالطبع هناك ما هو أسوأ من القاع حيث «أسفل السافلين»، وهذا ما نراه اليوم في ظل العدوان على غزة، والتشرذم العربي.

فقد شاهدنا المسرحية التي عرضت في الشقيقة قطر، وسمعنا كلمات الحضور بمن فيهم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، والرئيس السوري، وخالد مشعل وغيرهم، وبقي السؤال الأهم: ما الذي انعكس فعليا على الأزمة وعلى أهل غزة المنكوبين؟

الإجابة لا شيء! نجاد حاضرنا عن عروبتنا، وضرورة قطع العلاقات بكل أنواعها مع إسرائيل. والسوري انطلق من منطلق أن العين بالعين، وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وأعلن وفاة المبادرة العربية.

قال قادة الممانعة كل ذلك وهم في قاعة تبعد كيلومترات عن أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، يقابلها مكتب تجاري إسرائيلي أعلنت قطر تجميده فقط، لا قطع علاقات أو طرد!

توقعنا أن يقول نجاد إنه اثناء استماعكم لخطابي فإن صواريخ شهاب تنطلق على تل أبيب، وتوقعنا من السوري أن يقول إنه وفقا لمبدأ العين بالعين، وإن ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فإن جنودي البواسل قد فتحوا جبهة الجولان وأنتم تستمعون لخطابي.

لم يفعل حضور اجتماع قطر ذلك لسبب بسيط، فهدفهم ليس إنقاذ غزة، أو الدفاع عن الفلسطينيين بل الهدف هو إضعاف السعودية ومصر، والإمعان في شق الصف الفلسطيني، والدليل دعوة خالد مشعل إلى الدوحة.

مشعل الذي قال ما لا يجرؤ حتى الإسرائيليون على قوله، ولو قاله أحد من العرب لنصبت له المشانق، إذ يقول إن الألم والاذى في غزة عابر! تخيلوا هذا الكلام ونحن أمام أكثر من ألف قتيل وخمسة آلاف جريح!

إلى هذا الحد بلغ الاسترخاص بالدم الفلسطيني. أهكذا يتم تصوير الوحشية الإسرائيلية في غزة على أنها ألم عابر؟ الآن فهمنا لماذا صفي معظم من صفي من قيادات حماس في غزة داخل المنازل!

عندما نقول إن ما رأيناه في الدوحة هو مسرحية فلسبب بسيط، فبينما كان المجتمعون داخل القاعة في قطر يبيعوننا الوهم، كانت إسرائيل توقع اتفاقية ضمان عدم تهريب الأسلحة عبر المعابر مع أميركا. وهذا يعني الشروع في الخطوات النهائية لوقف العدوان الإسرائيلي في غزة الذي جاء وفق المبادرة المصرية التي تحولت إلى آلية لقرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة والذي سعت له السعودية.

وبالتالي فإن ما رأيناه في الدوحة كان يرتكز على أمرين، ضمان ترسيخ سلطة حماس وخالد مشعل بعد كل ما فعلته حماس بالفلسطينيين وقضيتهم، وتمهيد الأرضية لإعلان انتصار المحور الإيراني ـ السوري ـ القطري مع حماس مع قرب وقف العدوان.

ونصرهم ليس في نجدة غزة، أو إلحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي، بل هو ضمان إلغاء الدور العربي الفاعل، والصادق، من قبل كل من السعودية ومصر. هذا كل ما أرادوا فعله في الدوحة!

[email protected]