المناصرون

TT

بحث كل فريقٍ عما يمكن أن يكون له في غزة، ولم يبحث عما يمكن أن يكون لغزة عنده. ولذلك بدت المسألة سباقاً نحو تسجيل الأهداف بعيداً عن مرمى الجرح. لم نعد نعرف إذا كان المطلوب وقف المذبحة في غزة أولاً، أم إشعال النزاعات العربية واستغلال كل هذه الدماء من أجل المضي في مشروع معلن ذي غاية واحدة وهدف واحد هو إسقاط النظام العربي.

ولم نعد نعرف إذا كانت مشاهد الدم المسفوكة في غزة، تساعد في تحريك هذا العالم الميت ضد العدوان، أم تُفرِح القوى المتربصة بالنظام العربي لأنها تسجل تعثره في الضغط من أجل حل عاجل.

كانت الغوغاء في مكان والمسؤولية في مكان آخر. المسؤولية تقضي بالعمل بأقصى الإمكانات المتاحة، ووفق الأولويات الإنسانية، لوقف أسوأ عدوان همجي منذ 1967. وذلك لا يتحقق بالتظاهرات في اسطنبول، ولا بتقسيم العرب، ولا بفصلهم، ولا باستنهاض النخوة الأخوية عند أشقائنا الأعزاء في جزر القمر.

المسؤول يعرف من العمر الذي أمضاه في تحمل المسؤولية، أن تفتيت العالم العربي في هذه اللحظة، هو الهدف من عدوان غزة. والمسؤول الحقيقي المؤتمن يرفض أن تبدو حرب غزة وكأنها حرب بين الفلسطينيين غير القابلين بالالتقاء وحرب بين العرب، ومناسبة لأن يعلم الرئيس السوداني أن ما يجري في غزة موازٍ للاعتداء الذي يتعرض له في دارفور.

لقد حولنا أسوأ مشهد عدواني إلى أسوأ كرنفال سياسي. وأحلنا أفظع سفك للدماء في تاريخ القضية الفلسطينية إلى تلفزيونات أحمد سعيد وما خلَّف لنا من انتصارات هوائية لا تزال تندب وتبكى حتى الآن. وأقصى ما تمناه الإسرائيلي أن نشيح بوجهنا عن خلط الدماء بالتراب في غزة لكي نتلهى بمشهد الاشتباك الصغير. إسرائيل تقصف الأونروا والأمم المتحدة ونحن نقصف الجامعة العربية والقمة والتنسيق، على الأقل في مأساة بحجم هذه المأساة.

لقد كان هناك عرضان: واحد لأكثر البطاشين دموية، وآخر للهتَّاف العربي الذي أدار ظهره إلى إسرائيل ليشتم العربي المسؤول، تماماً كما فعل على الدوام. وكان يؤازر الهتَّاف العربي هذه المرة مناصران أعلى صوتاً: الإيراني والتركي. وطبعاً شقيقنا العزيز في جزر للقمر.