يوم للتاريخ

TT

في يوم الاثنين، الواقع فيه الثاني عشر من كانون الأول 2009، والواقع فيه أول جلسة لمجلس النواب اللبناني للعام الجديد، الواقع فيه اجتماع لجنة الإدارة والعدلية (والعدالة)، لبى السادة أعضاء اللجنة (الإدارة والعدل) جميعا إلى الجلسة الدورية الإلزامية، ودرسوا وناقشوا وأقروا ـ بالإجماع ـ اقتراحا تقدم به النائب بطرس حرب، يقضي بالسماح بمحاكمة الوزراء ورئيس الوزراء، على أن يصدر في الأسبوع المقبل ـ عن لجنة العدل والعدالة في دولة القانون ـ قانون آخر، يقضي بمحاكمة الرؤساء ـ جميعا ـ نمرة واحد. نمرة اثنين..، نمرة ثلاثة..

قرأت وقائع الجلسة في اليوم الواقع فيه 12 كانون الأول، ثم أعدت قراءتها. وتأكدت من أن الصحيفة صادرة في لبنان، ومن أن رئيس اللجنة هو نفسه صديقي المحامي روبير غانم، ومن أن مقدم الاقتراح هو عزيزي المحامي بطرس حرب. وتجمعني بالأول صداقة منذ عام 1970، وبالثاني منذ عام 1982، وبالتالي أعرف كمواطن، وعلى صعيد شخصي، مدى كفاءة ومعرفة الرجلين. وكلاهما من عائلة تتعاطى السياسة في لبنان منذ نصف قرن، على أقل تقدير.

وعدت أتأكد من موعد صدور الصحيفة ومكان الصدور: محاكمة الوزراء والرؤساء، في لبنان؟ منذ أشهر طويلة يحاول القضاء اللبناني إقناع ضابطين موقوفين في قضية اغتيال الحريري، بالمثول أمام المحقق العدلي. مرحبا محقق عدلي. وفي هذا البلد السعيد ظل البرلمان مغلقا لأكثر من سنة، لا يسمح لنوابه بالدخول إلى قاعة الجلسات العامة، ولا حتى إلى حماماتها. وفيه استقال أربعة وزراء؛ فامتنعوا عن حضور الجلسات، وظلوا يداومون في مكاتبهم عند الحاجة. وكلما اعترض معترض، قالوا له: «طهّر نيعك». والنيع (باللبناني) هو الفم.

أنا شخصيا سعيد بأن أشعر أنني في السويد، أو في سويسرا، وأنه سوف يصبح من الممكن في سويسرا الشرق محاكمة الوزراء، وحتى الرؤساء، على الأقل في النص، لكن للوصول إلى مثل هذا الترف، أمامنا طريق طويل جدا.. فعلينا قبل ذلك أن نسمي مجرمي الاغتيالات، ثم نحاكمهم، أو، على الأقل، أن يقال لنا من هم.

في مسرحيات الأخوين رحباني لا يمكن المس «بابن الحكومة»، أي الدركي والشرطي والشاويش. وها هو صديقنا الشيخ بطرس حرب يريد محاكمة الحكومة نفسها، ورئيسها أيضا. وقد جرى ذلك في يوم الاثنين، الواقع فيه 12 كانون الأول 2009.