اعذرني.. كيف لا أبكي؟!

TT

لا والله يا دكتور عبد الرازق الدجوي من أستراليا. فليس البكاء والعويل.. وآه يا بطني من طبعي. ولا هي صرخة، ولا هي دعوة للناس أن تفعل مثلى.. فإنما بكيت، وأفعل ذلك كثيرا، إذا وقفت لحظات أمام عظمة الله، ولم أجد تفسيرا يريحني. ولا أدعي أنه لا تفسير.. ولكن أنا شخصيا لم أجد. ومن يدرى؟ ربما وجدت.. ولكن في كل ما قرأت في الفلسفة والعلوم الحديثة لم أجد معنى. طبعا لها معنى، وفيها حكمة، ولكن عظمي أضعف من أن يبلغ ذلك. ولا أجد حرجا في أن أقول: «يا رب اجعل لي وزيرا من أهلي يشرح لي صدري..».

فأنا لم أطلب صعبا، ولا مستحيلا. وعلى الرغم مني، يتحول التعبير عن عجزي إلى دموع.. ويوم دعاني صديقي البروفيسور الألماني إريك رانهارث أستاذ الفيزياء النووية بجامعه برلين، لكي نشاهد معا ـ من المرصد الكبير في إحدى جزر هاواي ـ ظاهرة فلكية نادرة، يتعامد فيها كوكبان على خط واحد، للمرة الثانية من أربعة آلاف سنة، ذهبت قبلها بأسبوع، وجلست إلى الأستاذ، يشرح، وأحاول أن أفهم. وهو يحاول أن يعبر بكلمات، لا معادلات رياضية. وفهمت، أو ادعيت ذلك.. وجاء اليوم الموعود، ورأيت ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ وعجزت عن التعبير والفهم.. فكيف لا أبكي يا سيدي؟!

إنني لا أستطيع أن أصف ماذا رأيت، وكيف رأيت وسمعت أيضا ما يحدث على بعد مئات ملايين الكيلومترات.. والله العظيم دخت، وتصلبت، وتجمدت، وفقدت كل شيء في لحظة واحدة.. فكيف لا أبكي على ضياعي في ملكوت الله؟!