حماس: إما إيران أو العرب؟

TT

نحن في زمن جديد في اعقاب رماد الحرب الاسرائيلية على غزة، حيث امتحنت المواقف وعرفت النتائج، وصار الحاضر أقل غموضا. قادة حماس، لأنه لا يوجد قائد واحد نتوجه اليه بالحديث، أمامهم خياران في علاقاتهم التي ستقرر مصير الحركة، خاصة أنهم يدركون جوانب القوة والضعف في المواجهة.

قوتهم تجلت في مواجهتهم اسرائيل وصمودهم، رغم ان القطاع لا يمنحهم شيئا مما كان يملكه حزب الله في لبنان، من حدود مفتوحة، وحلفاء محليين، وقوة صاروخية هائلة، وبلد تحت سيطرته. بدون أي شيء من هذه المقومات الضرورية للمواجهة صمدت حماس وبقيت رقما موجودا على الساحة السياسية الفلسطينية.

أما شقها الضعيف فيتجلى في أن الحركة وهنت ميدانيا، من جراء قصف الآلة العسكرية الإسرائيلية الرهيبة، وأحرجها الهجوم أمام مواطنيها بسبب عجزها عن حمايتهم من القتل الإسرائيلي المروع، تضاف الى ذلك أشهر من المعاناة التي لا سابق لها من حصار طويل حرم الناس من أبسط ضرورات العيش. وكل ذلك صارت تلام عليه سياسة حماس. ولن يكون سهلا إقناع كثير من اهالي غزة بمنطق مواجهة النملة للفيل، رمي اسرائيل بصواريخ كرتونية، والأهالي في المقابل يدفعون ثمنها اطفالهم. لا يهم تهليل العرب في الخارج لبطولات حماس، لأنهم تعودوا الترحيب بتضحيات الآخرين، وقد لدغت هتافات الشارع العربي قادة اعظم شعبية وتجهيزا من حماس، مثل عبد الناصر وصدام. واجب حماس مراعاة رضا أهالي غزة أكثر من إطراب العرب.

وبعيدا عن حسابات الربح والخسارة فإن أمام حماس تاريخا جديدا، وفرصة أخرى، لمراجعة موقفها، والاختيار بين البقاء في معسكر ايران او العودة الى الجانب العربي. وبعد التجربة القاسية اصبحت قيادة حماس في غزة تملك صورة افضل بعد تجربتها الأليمة، كما ان العرب الآخرين يعترفون بأن ابتعادهم عن حماس ربما كان خطأ يجب تصحيحه.

اليوم، وبسبب تداعيات حرب غزة، اصبحت المنطقة اكثر انقساما حتى مما شهدناه في ايام حرب اسرائيل على لبنان، وحرب حزب الله على سنة بيروت. على حماس أن تدرك انها هذه المرة استخدمت من قبل الايرانيين لضرب العرب بشكل لا سابق له في كل الخصومات الماضية. وصار الايرانيون من الوضوح والتقدم على الأرض، درجة بالغة الخطورة، بما في ذلك محاولة إحداث فوضى عدوانية في الدول العربية الخصم، والسعي الصريح الى تهشيم السعودية والتأليب على مصر لقلب نظامها. ان جرأة كهذه ستدفع الدول العربية ضد حماس. لكن ومن العدل والعقل أيضا القول ترك الباب مفتوحا حيث يبقى على الحركة ان تختار بين العودة الى العائلة العربية أو أن تبقى بندقية في اليد الايرانية.

وحماس في وضع جيد، لها ان تساوم معه على علاقتها مع العرب، وليس بوسعهم سوى احترامها وضمان حقوقها السياسية والمادية على أرض فلسطين. ومع ان الحديث عام إلا اننا نعرف أن حماس ليست مؤسسة واحدة رغم تشابه اللغة والواجهات السياسية، فهناك حماس رهينة دمشق وطهران حيث يعيش قادتها في الفنادق. وهناك حماس غزة الذين دفعوا اثمانا غالية بغية ارضاء مطالب اخوانهم في دمشق، وكانت النتائج دائما كارثية. حماس غزة عليها ان تختار بين طهران والقاهرة.

[email protected]