على العتبة

TT

آسف، لكن هذا الذي نراه، في نهاية المطاف، ليس سوى عرض مسبق لاحتفالات البيت الأبيض برئاسة باراك أوباما، خصوصاً من ألد أعداء أميركا المعلنين.

فالمسألة الآن هي متى تُعقد عناوين المرحلة المقبلة في المنطقة مع الرئيس الأميركي الجديد. وأما غزة ودماء غزة و335 طفلاً في غزة، وإشعال غزة مثل كومة حطب سوداء، فمجرّد ثمن بسيط يدفعه كالعادة الفلسطينيون، وكما قلنا دائماً، إما عن وعي، وإما عمّا هو أسوأ.. عن جهل.

إسرائيل تتصرف في اللحظات الأخيرة من ولاية بوش كأنها تمتلك أميركا. أولمرت يروي للملأ أنه طلب بوش في حفل عام، وأملى عليه الموقف في مجلس الأمن. ووزيرة خارجيته تطير إلى واشنطن لتوقّع اتفاقية أمنية ثنائية، تستبعد منها كل دول الشرق الأوسط، وكأن لا وجود لها. وتعربد الآلة العسكرية في غزة أمام أعين العالم، وكأنها تقول للرئيس المقبل إنها القوة الوحيدة في المنطقة، وبالتالي الوكيلة الحصرية الوحيدة.

وعلى الجانب الآخر يعرض العرب ويستعرضون أوراقهم على عجل مربك.. فالدوحة استطابت لعبة الدول الكبيرة والأدوار الكثيرة، ولذّ لها أنها الوحيدة القادرة على الجمع بين شمعون بيريز وخالد مشعل، والوحيدة القادرة على الجمع بين القاعدة العسكرية التي خاضت حرب العراق، وبين «الجزيرة» التي خاضت حرب الاحتلال. وثمة ما هو أهم وأثمن من ذلك كله في دعم صمود غزة.. الدوحة مستعدة، ومعها الشقيقة الكبرى موريتانيا، لـ «تجميد» العلاقات مع إسرائيل، كي يدبّ الرعب في أضلاعها وعروقها.

شكراً يا أم الحلفاء والمناصرين. أنا أعرف أيضاً صاحب سيرك، عاقب الفيل بمنعه من السباحة.. ليلاً أو نهاراً، وحرمه من أكل اللحم.

تستطيع تركيا، لا مصر ولا الأردن، أن توقف المجزرة في لحظة إذا لوّحت بسحب اعترافها بإسرائيل. وتستطيع قطر الضغط، هي والشقيقة الكبرى موريتانيا، وأن تكونا جادّتين بقطعهما العلاقات معها وتطبيق قرارات وسياسة مكتب مقاطعة إسرائيل. وأما من حيث المواقف وتكبّد المشاق، فعلى غزة أن تثمّن فضل صاحب السيادة الرئيس القمري على تحمل مشقة الطريق.

لا أدري إن كان لدى أوباما فكرة واضحة عن التضامن العربي قبل اليوم.